الخميس 18 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
عفواً.. عمرو موسي!
كتب

عفواً.. عمرو موسي!




 


كرم جبر روزاليوسف اليومية : 31 - 03 - 2010


«رابطة الجوار العربي» ورقة توت لإخفاء الفشل


1


- عفواً السيد عمرو موسي أمين عام جامعة الدول العربية، اقتراحك بتكوين «رابطة الجوار العربي» هو بمثابة «ورقة التوت» التي تحاول أن تغطي بها فشل الجامعة العربية، بل والعمل العربي المشترك كله.


- الاقتراح ظاهرة «براق» ولكن باطنه «خواء»، ويشتت الأنظار عن القضية الجوهرية وهي رأب الصدع العربي، وبدلاً من تركيز الجهد لتحقيق ذلك، لجأت إلي شد الانتباه وراء «فكرة مستوردة».
- هل استطاع العرب أن يوحدوا صفوفهم، حتي تضيف إليهم تناقضات وأحلام وأطماع ومشاكل ومآسي دول «رابطة الجوار» مثل تركيا وإيران وأثيوبيا وأريتريا وجيبوتي والصومال والسنغال وغينيا ومالي والنيجر وتشاد كما تقترح؟
2
- عفواً عمرو موسي.. الفكرة مقتبسة من الاتحاد الأوروبي، أي أنها ليست جديدة ولا مبتكرة ولا مستوحاة من مشاكل المنطقة، ونذكر أنهم في عام 2003 وقعوا وثيقة اسمها «الجوار الأوروبي الجديد».
- الوثيقة تتماشي مع ظروفهم، فبعد زيادة دول الاتحاد من 15عضواً إلي 27، أصبح لأوروبا جيران جدد في الشرق والغرب، مما يتطلب دعم العلاقات معها، لخدمة التنمية لصالح دول الاتحاد الأوروبي.
- دول الجوار الجديدة التي استهدفت الوثيقة الأوروبية مد جسور العلاقات الجديدة معها هي «أوكرانيا» و«بيلا روسيا» و«ميلدوفيا البيضاء»، لأن هؤلاء الجيران الجدد لديهم مصادر هائلة للطاقة.
3
- عفواً عمرو موسي.. الفكرة التي طرحتها هي نسخة بالكربون من «الجوار الأوروبي الجديد»، ولكن شتان بيننا وبينهم، بين أوروبا الموحدة، والعالم العربي الممزق والمشتت في كل الاتجاهات.
- فكرة عمرو موسي مثل الذي يحاول القفز إلي السلم من أعلي درجاته، لأن أوروبا نجحت في ذلك بعد أن وصلت إلي درجة عالية من الاندماج السياسي والاقتصادي وتوحيد الاتفاقيات.
- عندما ننقل هذه التجربة بحرفيتها، فالفشل هو الأقرب من النجاح، في أوروبا ينفذون استراتيجية محددة منذ 55 سنة حتي وصلوا إلي الوضع الحالي، أما العرب فلا خطط ولا تعاون ولا استراتيجيات.
4
- للتذكير فقط، فقد بدأ الاتحاد الأوروبي باتفاقية الفحم والصلب سنة 1957، للتعاون في مجال إنتاج واستهلاك هاتين السلعتين الضرورتين للبناء والتشييد.
- كانت الخطوة التالية هي إبرام اتفاقية التجارة الحرة، بهدف منح مزايا تفضيلية للسلع المنتجة في دول الاتحاد، لتستطيع مواجهة التكتلات الأخري.
- تلي ذلك الاتحاد الجمركي وتوحيد الرسوم في جميع دول الاتحاد، ثم السوق المشتركة التي توفر حرية مرور السلع والخدمات دون عوائق، وكذلك رؤوس الأموال والأشخاص.
5
- عفواً عمرو موسي.. نحن نظلم أنفسنا إذا حاولنا أن نلبس ثوباً ليس ثوبنا، فالاتحاد الأوروبي الذي تحاول تقليده، دون أن تمتلك شيئاً من المقومات التي يمتلكها .. كارثة كبري.
- وصلوا إلي مرحلة الاندماج الكامل «منطقة اليورو»، ثم بعد ذلك اقتضت مصلحة دول الاتحاد العليا أن يفكروا في «دول الجوار»، لأن الخريطة تغيرت، ولابد من التعاون مع الجيران الجدد.
- كما أن اقتراح موسي يتعارض مع اتفاقيات العديد من الدول العربية مع دول المتوسط وشرق أوروبا، وهي اتفاقيات أكثر رقياً من صيغة «رابطة الجوار».
6
- الفكرة التي طرحها موسي علي القمة العربية، كانت موضوعاً للمناقشة في منتدي تركي سوري منذ عدة شهور ودعي إليه عمرو موسي، وهو يقدم للقمة العربية الأفكار التي طرحت في المنتدي.
- في أوروبا والدول المتقدمة كما يقول أحد أبطال فيلم «الإرهاب والكباب» لعادل إمام ينفذون ما يتفقون عليه، أما عند العرب فالقطيعة والخلافات والتهرب من الاتفاقيات والوعود، هو الأصل.
- مثلاً: عندنا «فسفوسة» اسمها القوائم السلبية، تتحطم علي صخرتها أحلام منطقة التجارة الحرة العربية، وكل دولة تريد أن تستثني سلعها المفضلة، حتي مجلس التعاون الخليجي لم يصل حتي الآن إلي مرحلة الاتحاد الجمركي.
7
- عفواً عمرو موسي.. مشروعك جاء في الوقت غير المناسب وفي المكان غير المناسب، وكان من المفترض أن تطرح أفكاراً طموحة لتدعيم علاقات التعاون الاقتصادي العربي مثلاً كنقطة انطلاق.
- لكنك تعلم أنه المستحيل، فأردت القفز فوق المستحيل بسبع مستحيلات، حتي تركيا التي تريد أن تبدأ بها، فبينها وبين إسرائيل تعاون عسكري عريق، ولا تعاون مماثل مع أي دولة عربية.
- تركيا، رغم صداقتها للعرب، تريد أن تعوض فشلها في دخول الاتحاد الاوروبي بالاتجاه نحو العرب.. مع العلم بأن الطيران الإسرائيلي له ترخيص دائم بدخول المجال التركي في أي وقت.
8
- عفواً عمرو موسي.. أنت تقول إن أوروبا تجري حواراً مع ايران رغم اختلافها معها في شأن الملف النووي، وتتساءل: لماذا لا تمتد علاقة «الجوار العربي» لتشملها؟
- كلام جميل، لكن «مش معقول» لأن أوروبا لم تدع إيران لدخول الجوار الأوروبي، كما تدعوها أنت، مع العلم بأن الدول العربية لها علاقات بإيران وتتحاور معها.
- الإمارات التي تحتل إيران جزرها الأربعة لها علاقات بإيران، ومصر لها قسم لرعاية المصالح يرأسه سفير، ولم تتغير إلا اليافطة .. يعني فيه «حوار»، بعكس كلام موسي.
9
- عفواً عمرو موسي.. «صلح بيتك» أولاً فبعد عشر سنوات من توليك منصب الأمين العام، لا ينبغي أبداً أن نبحث عن شماعات نعلق عليها الفشل.
- «رابطة الجوار العربي»، «سمك، لبن، شاورمة».. وهي تشبه عبارة قالها محمد سعد في فيلم «عوكل»: «إيه إللي جاب القلعة جنب البحر؟».
- ورقة توتك لن تفلح في تغطية فشل الجامعة.. ولكنها تعري سوءات، كان من الأفضل عدم تعريتها.

E-Mail : [email protected]