الخميس 18 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أكتب إليكم من قلب المظاهرة (2)
كتب

أكتب إليكم من قلب المظاهرة (2)




 


كرم جبر روزاليوسف اليومية : 05 - 05 - 2010



الفضائيات ونقل الأحداث بأسلوب «الخيال العلمي»
1
- من يجلس أمام التليفزيون ليس كمن ينزل الشارع، ومن يري الأحداث بعيون الفضائيات المتحفزة والمذيعين المتربصين، غير من يراها بعيونه علي أرض الواقع.. وهذا هو أهم شيء خرجت به من حضوري مظاهرة يوم 3 مايو في الشارع وبين المتظاهرين.
- الصورة ليست سوداء بهذا الحجم، والدنيا ليست خراباً، والبلد ليست رايحة في داهية والناس ليسوا مشغولين بالحراك، ومن يحضرون هذه المظاهرة عشرة أو عشرون وليسوا بالملايين.
- الكاميرات الملعونة تضلل الناس وتستطيع أن تظهر مائة شخص وكأنهم يملأون ميدان التحرير.. وتزداد السخونة بطريقة الأداء الساخرة للمذيعين الميدانيين، علي طريقة «خميس أبوالعافية».
2
- أولاً: المطالب التي رفعها المتظاهرون قديمة وليس فيها جديد ولا تجعل النظام يرتعد أو يخاف كما توحي بذلك فضائيات المساء والسهرة، وليس فيها ما يجرح أو يخدش الأمن والاستقرار.
- ثانياً: السلوك العام للسياسيين كان جيداً لا خروج ولا استفزازات وكان هدفهم «الشو الإعلامي» وحققوا ما أرادوا، سواء الخضيري أو حمدي قنديل أو حسن نافعة أو يحيي الجمل وغيرهم.
- ثالثاً: أحسن شيء فعله الدكتور فتحي سرور هو رفضه مقابلة أعضاء الوقفة الاحتجاجية، لأنهم نواب في البرلمان ويلتقون به كل يوم ويتحدثون في الجلسات، ولم يكونوا في حاجة لأن يذهبوا إلي عمر مكرم أولاً.
3
- رابعاً: فجرت هذه المظاهرة الخلافات الكبيرة بين هذا الشتات السياسي، الإخوان ضد كفاية وشباب 6 أبريل ضد الاثنين وجميعهم ضد النواب الذين انسحبوا من الموقع، ولو استمرت المظاهرة ساعتين لضربوا بعضهم البعض.
- خامساً: الأمن أصبح متمرساً بدرجة كبيرة مع هذه المتغيرات، وزادت قدرته علي الاستيعاب والمرونة والتعامل مع المواقف المفاجئة، وفي كل حدث يكسب الاحترام والتقدير.
- سادساً: الناس العاديون لم يشغلهم بالمرة هذا الصخب والضجيج، والذين تواجدوا بالصدفة في مكان المظاهرة اكتفوا بالفرجة دقائق ثم انصرفوا في هدوء.
4
- سابعاً: العناصر التي كادت أن تفسد المظاهرة لا يزيد عددهم علي أربعة أو خمسة من بين 150 متظاهراً.. صورة طبق الأصل من شبان «التحرش الجنسي» ولكن هؤلاء يمارسون «التحرش السياسي».
- ثامناً: الهتافات قديمة وبذيئة وسافلة ولم تتغير منذ الستينيات والسبعينيات، وقابلها معظم المتظاهرين بالاستياء والاستنكار، لأنها لا تخرج عن أشخاص لهم مطالب عادلة، بل سفلة وسوقة.
- تاسعاً: سيدات المظاهرات.. ثلاث أو أربع لا يتغيرن في كل وقفة، معظمهن إعلاميات لهن منابر يمكن من خلالها بث أفكارهن ومطالبهن، ومن حقهن أيضاً التظاهر دون انفلات تمثيلي.
5
- إذن نحن أمام صورة جديدة من صور التعبير عن الرأي، ينبغي التعامل معها في حجمها الحقيقي دون تهويل أو تهوين ودون أن يبالغ البعض في إظهار البلد وكأنها علي فوهة بركان.
- ونحن أمام تحدٍ جديد هو ضرورة نقل هذه الأحداث للرأي العام ولمن لم يشاهدوها علي حقيقتها، دون مبالغة تجعل لوبي المثقفين يلتقط إشارات غلط وينفخ فيها.
- ونحن أمام جيل جديد من مرتزقة المظاهرات الذين يحاولون إفساد أي شيء، كما فعلوا في المظاهرة الأخيرة، فلم يكن هدفهم عرض مطالبهم، ولكن أن يستفزوا الأمن ليضربهم ويحققوا ذاتهم.
6
- الجانب السلبي لمثل هذه المظاهرات هو «الخيال العلمي» للفضائيات الذي ينتقل باللمس إلي رجال أعمال وسياسيين وكتاب وصفوة يجلسون في بيوتهم ويضعون أيديهم علي قلوبهم «مصر حتضيع».
- «مصر إيه اللي حتضيع».. وهل يضيعها مائة أو مائتان يتظاهرون في الشوارع من أجل «الشو الإعلامي»، وهل يضيعها ظواهر ديمقراطية يتم استيعابها والتعامل معها بهدوء وصبر؟
- ما الذي يضيع مصر؟ أن تغلق الأبواب والنوافذ وتخنق المعارضة والمعارضين.. أم تدعم الممارسة الديمقراطية بشكل يستوعب كل ألوان الطيف السياسي والحزبي والمعارض؟
7
- المشكلة الوحيدة في هذه التظاهرات هي «الفرقعة الإعلامية» والنقل الكاذب والتغطية الخادعة.. ولو نقلوها علي حقيقتها فسوف يكسب الوطن وتخسر الفضائيات.
- المشكلة هي انعدام الحرفية والموضوعية، فيتم الاعتماد علي فرق من المصورين والمراسلين والصحفيين وتكليفهم بشيء واحد هو الجري وراء الضرب والعراك وتجسيد السلبيات.
- المشكلة هي أن فرق التغطية الإعلامية لم تجيء لنقل حدث، وإنما للبحث عن شومة أو هراوة، عيونهم وقلوبهم «تنط» من الفرح كلما زادت الاستفزازات والمواجهات.
8
- مطالب المتظاهرين هي:
1 وقف قانون الطوارئ.
2 وقف الاعتقالات.
3 مناقشة قانون مباشرة الحقوق السياسية.
4 تغيير مواد الدستور 76 و77و88.
- هذه هي المطالب المدونة في المذكرة التي وزعوها في المظاهرة، وهي مطالب عادية تدخل في إطار الحراك السياسي الذي يمكن ترسيخه بالحوار والكلام، وليس بالشتائم والبذاءات والاستفزازات.
- بعض أعضاء الحزب الوطني ينادون بمثل هذه المطالب وأكثر منها، ويمكن أن يفتح ذلك أجواءً إيجابية جديدة في المجتمع، أما الشرشحة والابتزاز فلن تفيد أحداً.
9
- لو تحاورت المعارضة حول هذه المطالب مع الحزب الوطني فأتصور أنه لا يوجد مانع أبداً في أن يدار تفاوض ديمقراطي بشأنها وسبق لأمين عام الحزب الوطني صفوت الشريف أن دعا في فترات سابقة لمثل هذه الحوارات.
- الفترة المقبلة صعبة، ولكنها ليست مخيفة وسوف تتكرر فيها مثل هذه التظاهرات والاحتجاجات.. وسيفوز فيها أصحاب المطالب العادلة والمشروعة وأصحاب المصالح الحقيقية الذين يحتاجون إلي دعم ومساندة الدولة والحكومة.
- أما لوبي «الشو الإعلامي» وقناصة الأزمات وتجار المشاكل السوداء فلن تنفعهم ألف مظاهرة.


E-Mail : [email protected]