الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«وصولى وانتهازى»

«وصولى وانتهازى»

مفيش حد فينا ماقابلش بنى آدم وصولى وانتهازى.. بتاع مصلحته متسلق على أكتاف أى حد ناجح.. وفى النهاية بيكون أول واحد بيطعنك فى ضهرك.



 

الظاهر فى حياة الوصولى والانتهازى هو الوفاء والإخلاص  والأخلاق والأدب.. شخصيات تشوفها فى منتهى اللطف.. لكن الباطن حاجة تانية خالص.

 

«أنور وجدى» نموذج للشخص الوصولى الانتهازى.. الظاهر فى حياته أنه الشاب الوسيم الشهم ابن الأصول الراجل فى كل مواقفه.. والباطن من البداية للنهاية وصولى وانتهازى.. حتى علاقته بالسينما، بدأت بانتهازية.. بنت جميلة فى الحى اللى عايش فيه كانت بتشتغل بائعة تذاكر بإحدى السينمات وتعود فى وقت متأخر ليلا.. أقنعها يحرسها وهى راجعة مقابل تذكرة مجانية لمشاهدة الفيلم  كل ليلة.

 

انتهازية أنور وجدى الباطنة  تكررت مرات كثيرة..»، ولدرجة أنه استغل أزمة مارس الشهيرة بين محمد نجيب ومجلس قيادة الثورة للترويج لفيلمه «أربع بنات وضابط « وقتها أرسل برقية للصحف تؤكد تأجيل عرض فيلمه لأسباب قهرية رافضًا الإفصاح عنها، ثم ينشر فى يوم انتهاء الأزمة الدستورية (30 مارس 1954)، إعلانًا يقول: «انتصر الحق وزهق الباطل.. فيلم 4 بنات وضابط ينتصر ويعرض ابتداء من اليوم بدار سينما ميامى – شارع سليمان باشا.. فيلم مشرف لمصر.. مشرف للضابط المصرى الباسل.

 

فى الظاهر كان رومانسى وفتى أحلام كل البنات والباطن كان  بخيلا وبيستولى على أجر ليلى مراد ويرفض إعطاءها حقوقها المادية عن الأفلام التى تقوم ببطولتها معه.. ولدرجة أنه تزوجها بدون فرح.. وقتها كانت تعمل معه فيلم «ليلى بنت الفقراء» واستغل المشهد الأخير الذى ارتدت فيه «ليلى» فستان الفرح وأعلن أنه تزوجها ويكتفى بهذا المشهد لإعلان زواجه.

 

بخل أنور وجدى وصل به أنه كان يستعين بأثاث منزله، هو وليلى مراد، فى التصوير، فتحمل سيارات النقل الأنتريه أو السفرة إلى الاستوديوهات لتصوير مشهد أو اثنين، وإن شعر أن الديكور نفسه يصلح لمشهد فى فيلم آخر، ينسق فورا مع أبطال الفيلم الآخر ويستدعى الممثلين  لتصوير مشهدهم قبل إعادة قطع الأثاث إلى البيت من جديد».

 

فى الظاهر كان شهما وجدعا وصاحب صاحبه وممكن يضحى بحياته دفاعا عن مبادئه.. وفى الباطن بيلفق التهم لزمايله ويبلغ فيهم البوليس وبيقدم بنفسه بلاغا للأمن ضد فيلم «الأسطى حسن» لصلاح أبوسيف وفريد شوقى، ويتهم صناع الفيلم وكاتبه وأبطاله بالترويج للشيوعية، كل ده فقط لأن عرض «الأسطى حسن» تزامن مع عرض  فيلمه «مسمار جحا» والذى عطلته الرقابة بعض الوقت بدعوى مهاجمته الملك.

 

 فريد شوقى  لما راح له مكتبه يعاتبه ويتأكد هو فعلا اللى قدم البلاغ ولا لأ ..فوجئ به بيعترف بمنتهى البساطة  قائلا:»أه يا أخي، أنا اللى قدمت البلاغ ، فيها إيه يعنى يا أخى؟» «محصلش حاجة»، يعنى عايزنى أخسر فلوسى.. فيلمكم ينزل فى نفس وقت فيلمى وأسكت وألاقى الجماهير رايحة تتفرج عليكم وأقعد أتحسر؟ يا سيدى أول ما فيلمى يترفع من السينما، وألم فلوسى.. فيلمكم يبقى يتعرض وليك عليَّ أكون أول واحد فى الصالة»، يومها فريد شوقى رجع من عنده مش مصدق نفسه حزين على النجم اللى بيبلغ الأمن على زمايله وبيلفق لهم التهم.

 

فى الظاهر فتى الشاشة الأول.. وفى الباطن وصولى  من الدرجة الأولى.. وصولى حتى على نفسه وصحته.. ففى بداياته البائسة والتى كان يضطر فيها أن ينام فى المسرح لأنه لا يملك ثمن تأجير غرفة فى أى مكان.. كانت  النجمة زينب صدقى تقيم ولائم فى منزلها وكانت تشفق عليه وتأخذه معها.. وفى إحدى الولائم تحدثت زينب صدقى عن الصحة والمال فقال لها  أنور وجدى: صحة أيه يا هانم.. ربنا يدينى  مليون جنيه وكل أمراض الدنيا.. فصرخت فيه الفنانة  زينب صدقى: اسكت يا مجنون..

 

وبعد هذا الدعاء تغيرت حياة ذلك البائس تماما.. أصبح فتى الشاشة الأول.. يمثل ويكتب ويخرج.. وانهالت عليه العروض وفتح شركة إنتاج سينمائى وأقام فى الزمالك ورأى الوجه الآخر للحياة والثراء والسيارات الفارهة وأصيب بالسرطان!!

 

أصبح لا يستطيع أن يأكل.. وكان يصرخ فى هستريا كنت فقيرا وباكل فول نابت وصحتى زى الحديد ودلوقتى معايا كل الفلوس دى ومش قادر آكل.. مستعد أدفع كل فلوسى وأرجع فقير تانى بس آكل زى ما أنا عايز.

 

ألم أقل لكم من البداية أن الظاهر ليس هو الباطن.. فى الظاهر هتشوف الوصولى، يتقرب لكل من له سلطة... هتشوف  الانتهازى فى غاية اللطف والتهذيب والوفاء.. يمدح سراً وعلانية كل شخص يقربه لأهدافه.. بيطلع على أكتاف غيره بالخداع والنفاق.. هتشوفه دايما رافع شعار «الغاية تبرر الوسيلة».