
د. طارق الغنام
كيف نشرح أفكارنا؟
الكثير منا قد يكون لديه طموح وآمال فى أن يقفز على واقع العمل وما قد يصاحبه من صعوبات أو رتابة إلى آفاق جديدة رحبة يحقق بها ذاته وطموحاته وآماله ويساهم فى تنمية وتطوير بلاده، ولكن ليس كل منا يستطيع أن يحقق آماله فمنا من قد يقف عن حدود هذه الآمال ويأخذه الخيال بعيداً ثم يعيده من حيث بدأ ويظل محلك سر.. ومنا من قد تتوالد لديه مع هذه الآمال أفكار جديدة، تضع احتمالات لتغيير واقع العمل دون أن يتخذ خطوة لتحقيق هذه الأفكار ويظل كذلك محلك سر، ولكن منا من يحلل الواقع ويتصور المتغيرات، فتنبت الفكرة لديه، ويسعى بكل قوة لتنفيذها ، لأنه اقتنع بها وعزم على إظهارها للوجود .. والواقع أن ميلاد الفكرة إلى حيز التطبيق يمر بزماننا هذا بصعوبات بالغة، إذا يظل تطبيق الأفكار الجديدة مرهونة بتمكن صاحبها من اختراق كافة الصعوبات والمعوقات التى تواجهه .. لذا فالكثير يلجأ لتنفيذ فكرته إلى القيام بإجراءات تمهيدية تتمثل فى البدء بدراسة بيئة العمل التى سوف ينفذ بها فكرته فيحللها تحليلاً جيداً، ثم يتنبأ بنسبة لقبول فكرته ونسبة للرفض، ويحاول أن يرجح كفة القبول على كفة الرفض، ثم يحلل مدى قبوله الشخصى من الجانب الوجدانى لدى الآخرين، ويحاول أن يَنفذ إلى قلوب متلقى الفكرة، فقد أثبت الواقع أنه كلما اتسع نطاق القبول الشخصى لأصحاب الأفكار الجديدة كلما تسربت الأفكار إلى مكنون متلقى الأفكار الجديدة ولاقت قبولاً لديهم.. فإن فُتح الباب أمام صاحب الفكرة الجديدة لسماع فكرته، قام باختيار أبسط الوسائل لتوصيل فكرته لدى الآخرين واستعد للرد على أسئلتهم التى يتوقعها مسبقاً، فضلاً عن وضع تحليل منطقى لمجابهة المخاطر التى تتولد عن تطبيق فكرته والخطط التى تتلاشى بها هذه المخاطر ، بالإضافة إلى مراعاته للقدرات التمويلية المتاحة لتطبيق فكرته والعائد منها، كذلك وضعه لمعايير لتقييم الفكرة من حيث التطبيق للوصول لمدى جدواها، فضلاً عن وضع خطة مستقبلية تتخطى بها فكرته حُجب حيز تطبيقها.. ولكن إذا كانت المسألة كذلك، وكان الطريق لطرح الأفكار ليس ممهداً، وبات العالم يبحث عن الوسائل التى بها يذلل ميلاد الأفكار الجديدة حتى لا تظل حبيسة الأدراج.. فإن ذلك إنما يبعث على التأمل.. فالأفكار إنما تداعى إلى أذهننا بإلهام من الله،
وقد يكون سببها دافع ما، إما أن يكون أخلاقيا أو غير أخلاقى، فالأفكار فى حقيقتها ترجمة للقيم التى نعتنقها، تشتعل فى أذهاننا استجابة للأمور التى ندركها كمنهج للوصول إلى الحقيقة، فهى نتيجة لتفاعلنا مع ما ندركه سواء أكان ملموساً أو غير ملموس وقد يقابل تطبيقها كما ذكرنا العديد من الصعوبات التى تعيق بصيصها إلى النور.. لذا فإن ذلك إنما يعنى أن مسألة التمهيد لقبول الأفكار الجديدة لدى الآخرين قد لا يقوى على بعضها أصحاب الأفكار، لأن قبولها لدى الغير قد يرتبط بتصرفات غير أخلاقية مثل مداهنة أصحاب القرار، فيفضل صاحب الفكرة الانسحاب حتى لا يفرط فى قيمه الأخلاقية التى نبتت منها فكرته.. إذاً الحقيقة أن تطبيق الأفكار فى الدول النامية بات يعانى من انسداد الأفق.. والحل لهذه المشكلة إما أن نرسخ القيم فى مجتمعنا حتى يجد أصحاب الأفكار طريقاً ممهداً لطرح أفكارهم، وإما بالعمل على تطبيق الوسائل الحديثة لطرح الأفكار دون معوقات كتطبيق فكرة «حاضنة الأفكار» والتى بها تُطرح الفكرة وتدرس جيداً للوقوف على سبل تطبيقها ونسبة المخاطر المقبولة بها لتكون صالحة للتطبيق .