الجمعة 16 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
من المستفيد من حملة «إلا رسول الله»؟!

من المستفيد من حملة «إلا رسول الله»؟!

من فوق سبع سماوات، أنزل الله من عليائه وكبريائه وسلطانه، حب الرسول الكريم فى قلوب المسلمين عامة، وضاعف هذا العشق فى وجدان المصريين خاصة، فكانوا أكثر شعوب الأرض حبا له ولآل بيته الكرام، وأصدقهم طلبا للمدد والشفاعة، وأكثرهم فرحا واحتفالا بذكرى مولد خير خلق الله على أرض الله، الذى أضاء الكون بنوره، وملأ الدنيا عدلا ورحمة وتسامحا، وأنقذ البشرية من ظلمات الجاهلية وضلالات الوثنية، وحرر الإنسانية من العبودية.



حالة العشق الإلهى التى تربط المصريين برسول الإنسانية لا مثيل لها، ولما لا وهو الهادى البشير والسراج المنير، والمصريون أهل جدته الكبرى السيدة هاجر، زوجة أبو الأنبياء عليه السلام، ووالدة سيدنا إسماعيل عليه السلام، وهم أيضا أهل زوجته السيدة مارية، وأخوال ولده إبراهيم، وفى ليلة الإسراء والمعراج، زار مصر وصلى بالوادى المقدس بسيناء، وأوصى بالمصريين خيرا، فهم أهل ذمة وصهرا، وجندها خير أجناد الأرض، وفى رباط إلى يوم القيامة.

الحقيقة المؤكدة التى لا ينكرها أحد أن المصريين متدينون بالفطرة، فهم أصحاب أول ديانة توحيدية فى العالم القديم، ولكن لا يتعارض ذلك مع وجود بعض المتناقضات، ففى كثير من الأحيان يكون التدين ظاهريا، فالقرآن يقرأ فى المنازل والمحال التجارية ليس بهدف الموعظة، ولكن للتبرك وجلبا للرزق، والمرتشون يملأون كروشهم بالمال الحرام للذهاب سنويا إلى الأراضى المقدسة لأداء العمرة وفريضة الحج، والفاسدون ينهبون أراضى الدولة، ويتصدقون بالقليل من المال الحرام على الفقراء والمساكين وبناء المساجد، وكثيرا ما يستخدم النقاب لارتكاب جرائم خطف الأطفال وخيانة الأزواج وقتل الأبرياء فى العمليات الإرهابية، ولا يكاد يخلو شارع أو حارة من سب الدين، والبلطجة والتحرش وتناول المخدرات أصبحوا أسلوب حياة لدى الكثيرين... وغيرها الكثير والكثير.

ورغم تلك التناقضات، إلا أن المصريين بطبعهم شعب عاطفى، لا يقبل أبدا الإساءة للرسول الكريم، الذى نحتفل جميعا هذه الأيام بذكرى مولده، ومن هنا كان المدخل الذى استغله أردوغان «خليفة تنظيم الإخوان» الذى احترف دس السم فى العسل، والتلاعب بالمشاعر الدينية للمسلمين، لتحقيق أهدافه السياسية.

رئيس تركيا وجد فى الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للرسول فى مجلة شارل إبدو الفرنسية، طوق النجاة لاقتصاده الذى يتهاوى، بعد المقاطعة السعودية والإماراتية وبعض العواصم العربية للمنتجات التركية، والتى كبدت اقتصاد بلاده خسائر بمليارات الدولارات، بسبب سياساته العدائية تجاه الدول العربية، فأصدر تعليماته للأبواق الإعلامية والميليشيات الإلكترونية التابعة لجماعة الإخوان الممولة من تركيا وقطر، لشن حملات ممنهجة على فرنسا، حتى تصدر وسم «إلا رسول الله» مواقع السوشيال ميديا، لتحويل دفة المقاطعة إلى المنتجات الفرنسية بدلا من التركية.

تركيا وتابعتها قطر، تستغل جميع الأساليب القذرة لإثارة الفتنة وإغراق العالم فى حروب دينية، ولم يتأخر لاعب كرة القدم محمد أبوتريكة عن تنفيذ التوجيهات، داعيا إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية من شاشة « بين سبورت» القطرية، التى يمتلك رئيسها ناصر الخليفى نادى باريس سان جيرمان، وتنقل قناته مباريات الدورى الفرنسى، فهل سيتخلى الخليفى عن استثماراته، وتتوقف الدوحة عن استثمار أموال صناديقها السيادية فى فرنسا، وتقاطع الاستثمارات الفرنسية، وهل سيغلق أردوغان المصانع الفرنسية فى بلاده، ويغلق الموانئ فى وجه المنتجات الفرنسية بعدما بلغ حجم التبادل التجارى إلى 16 مليار دولار سنويا؟! 

بعيدا عن حالة الغضب التى اجتاحت المسلمين، فالرسول الكريم ليس فى حاجة إلى أردوغان الذى يتاجر بالدين، ليعلن نفسه وصيا على المسلمين، ولماذا لم يغضب خليفة الإرهاب من وضع «لا إله إلا الله محمد رسول الله» على علم « داعش» والجماعات الإرهابية التى تسيئ للإسلام، وليعلم الجميع أن معركة ماكرون ليست مع الدين الإسلامى، ولكنه مع النظام التركى، بسبب سياساته الاستفزازية فى شرق المتوسط وليبيا وسوريا ومنطقة القوقاز، وأذرعه الإرهابية التى تسيئ للإسلام فى أوروبا، بعدما أغلق الجمعيات والمؤسسات الممولة من تركيا وقطر، لزعزعة الاستقرار فى بلاده، ولم يوجه أى إساءة للإسلام ولم يطلب نشر الرسوم المسيئة على واجهات المبانى، ولكن تركز حديثه عن حرية الرأى والتعبير.