الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
«الأم الحاضنة».. بأى ذنب شُرِّدَتْ

«الأم الحاضنة».. بأى ذنب شُرِّدَتْ

الطلاق المبكر.. «تسونامى» يدمر الأسرة والمجتمع، ولم يفلت من خطره «الزواج المبنى على حب»، أو «زواج الصالونات».



الأرقام المفزعة تؤكد أن 44% من المتزوجين حديثا يذهبون إلى المأذون مرتين، الأولى تتعالى معها زغاريد الأفراح لتوثيق عقود الزواج، مع القبلات الحارة والأمنيات بحياة موفقة، ولكن مع غياب التفاهم و» العناد والمكايدة»، تتحول الأحلام السعيدة إلى كابوس مفزع، يكتب معها  نهاية الفصل الأخير للتجربة المريرة بتوثيق عقود الطلاق، يضاف إلى ذلك حالات الخلع، و«الانفصال المعلق» دون توثيق، لتصبح المرأة مثل «البيت الوقف» لا تستطيع الحصول على حقوقها الشرعية.

الواقع يؤكد أن المجتمع يشهد فى السنوات الأخيرة تحولات غريبة ومتناقضة، فنحن نستقبل مولودا جديدا كل 13.5 ثانية، وهناك حالتا زواج كل دقيقة، وحالة طلاق كل دقيقتين و11 ثانية، و1500 دعوى طلاق يوميا أمام محاكم الأسرة، ليرتفع عدد حالات الطلاق «الموثق والشفهى والخلع» إلى 450 ألف حالة،  تمثل 44% من حالات الزواج والتى تبلغ 950 ألف حالة سنويا.

التجارب الفاشلة فى الزواج، جعلت جيلا كاملا من شباب المستقبل، مضطرب نفسيا، غير قادر على تحمل المسئولية، فهناك 15 مليون طفل يدفعون ثمن «الطلاق المبكر»، نسبة كبيرة تسربوا من التعليم، وانضموا إلى «أطفال الشوارع»، و40% منهم يذهبون إلى المدرسة دون طعام، بسبب هروب الأب من تحمل مسئولياته الاجتماعية ورفضه الإنفاق على أبنائه.

للأسف الشديد، وإمعانا فى «العند والمكايدة»، يتفنن كل طرف فى إذلال الآخر، والانتقام منه ليأتيه صاغرا خاضعا، متناسين أن الأطفال هم الضحية الأكبر، لتلك التجارب الفاشلة، والمرأة الأكثر تضررا، فهى تضحى بحياتها من أجل تربية أولادها، ولكن فى النهاية تصبح «إمرأة بلا مأوى»، بعد انتهاء فترة الحضانة، ببلوغ الطفل 15 عاما.

فى أيام الجاهلية، كان العرب يرتكبون جريمة شنيعة فى حق البنات يئدونهن أحياء ويهيلون على وجوههن التراب دون ذنب لهن خشية العار، فأنزل الله أياته «وإذا المؤودة سئلت بأى ذنب قتلت»، والآن لا تعرف الأم الحاضنة بأى ذنب شردت، بعدما تحملت مسئولية تربية أبناءها، علاوة على أن المجتمع ينظر للمطلقات نظرة سلبية، وتظل سنوات طويلة بين أقسام الشرطة وأروقة المحاكم للحصول على حقوقها الشرعية، فى المؤخر والنفقة وحق الولاية على الأطفال والحضانة والمسكن الملائم، وفى المقابل يمتنع الزوج عن الإنفاق، ويتلاعب فى بيان مصدر الدخل، ويتحايل بالقانون على حيازة سكن الزوجية، ليتعذر تسليم سكن الحضانة للزوجة والأولاد، لتصبح الأم الحاضنة وأبناءها فى الشارع.

الآن.. أصبح من الضرورى صدور قانون جديد للأحوال الشخصية، يحقق التوازن بين حقوق الرجل والمرأة ويحفظ للأم الحاضنة حقوقها، خصوصا أن القانون رقم 25 لسنة 1920، الذى مر عليه مائة عام، وتعديلاته المتعاقبة، لم يعد ملائما للمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية التى شهدتها البلاد.

من غير المقبول ألا ينظر القانون الذى صدر قبل مائة عام إلى شيخوخة الأم الحاضنة التى ضحت بحياتها، وتخلت عن ملذات الدنيا، وأن يكون مصيرها الطرد إلى الشارع بعد بلوغ أطفالها 15 عاما، حيث يتيح القانون للزوج استرداد مسكن الزوجية بعد انتهاء فترة حضانة، حتى لو رفض الأبناء العيش مع والدهم.