الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
نظرة.. يا ناظر الوقف

نظرة.. يا ناظر الوقف

الوقف، «مال الله»، وهبه الواقف للإنفاق على أعمال البر، والتصدق بريعه على الفقراء والمساكين، وبناء المساجد، وعلاج المرضى،  ورعاية الأيتام والمسنين، والطلاب غير القادرين وإفطار الصائمين، والأسر الأولى بالرعاية، والأرامل وذوى القدرات الخاصة.



ووفقا للمادة الخامسة من القانون 80 لسنة 1971، صار وزير الأوقاف الدكتور مختار جمعة، بحكم منصبه، ناظرا للوقف، وحارسا أمينا على إدارته واستثمار أصوله، التى تقدر بنحو 21 مليون متر مربع من العقارات والأراضى الفضاء، و256 ألف فدان من الأراضى الزراعية، تصل قيمتها السوقية إلى تريليون و37 مليار جنيه، حتى صارت الأوقاف من أغنى الوزارات التى تمتلك أصولا عقارية تحقق عائدا شهريا بمئات الملايين.

خلال 6 سنوات فقط، تضاعفت الإيرادات السنوية للوقف بنسبة 173%، لترتفع فى العام الماضى فقط إلى مليار و546 مليون جنيه، وهو الأعلى فى تاريخ الوقف فى مصر، فى حين بلغ ما تم إنفاقه من ريع الأوقاف على أعمال البر منذ عام 2014، نحو مليار و600 مليون جنيه، تم صرفها على دعم التعليم وبناء المساجد، وغيرها من مشروعات «سكن كريم» ، وبناء ورفع كفاءة منازل للفئات الأولى بالرعاية، وإفطار الصائمين.

قبل 68 عاما، تحقق العدالة الاجتماعية، بتحديد ملكية الإقطاعيين وأصحاب الأبعديات، وإعادة توزيع الأراضى على الفلاحين المعدمين، ليصبح الفلاح المكافح سيدا على أرضه بعدما كان أجيرا يعانى الذل والهوان، وصار للأرض قدسية، لا تقل عن الشرف والعرض لا يمكن  للفلاح التفريط فيها، فهى مصدر بقاءه على قيد الحياة، فى ظل عدم وجود مصدر دخل ثابت يسد احتياجات أسرته.

يا ناظر الوقف، نظرة للفلاح البسيط، ليس منطقيا تعظيم إيرادات هيئة الأوقاف بمضاعفة القيمة الإيجارية للأراضى التى يزرعها الفقراء لتوزيع ريعها على فقراء آخرين وأعمال البر، فالأرض لم تعد تحقق أى عائد يسد احتياجات الفلاح وأسرته، فى ظل ارتفاع تكاليف الزراعة وتراجع أسعار المحاصيل التى ينتجها الفلاح، والتى يتم بيعها بأسعار زهيدة.

يا حارس الوقف الأمين، الفلاح الفقير أصبح من الفئات الأولى بأعمال البر، ويمكنك اعتبار تخفيض القيمة الإيجارية للفدان والتى تضاعفت إلى 10 آلاف جنيه، من أعمال البر والصدقات،  فالفلاح يزرع الأرض ويبيع محصولها وكل ما يملك فى منزله، لسداد الإيجار للأوقاف، وإذا لم يستطع صار مهددا بالسجن، والطرد من الأرض والموت جوعا، بعدما فقد أهم مصدر لبقائه على قيد الحياة، فى ظل عدم وجود مصدر دخل ثابت له ولأسرته.

لم تكن تلك الشكوى الوحيدة، ففى الأسابيع الماضية تلقيت شكاوى عديدة ضحايا شراء أراضى الأوقاف، لعل أبرزها شكوى المواطنة أنعام أبوالسعود من محافظة دمياط، التى أنفقت كل ما تملك، وكفاح سنوات طويلة فى الغربة، من أجل تأمين مستقبل أولادها، إذ قامت قبل 5 سنوات بشراء قطعة صغيرة من الأرض لا تزيد مساحتها على 122 مترا، لبناء منزل يستر أبناءها، بعقد موثق يؤكد أنها ليست أرضا ملكا للأوقاف أو أملاك الدولة، إلا أنها فوجئت عند البناء بأن الأرض ملكا للأوقاف، ولا يمكنها التصرف فيها، رغم أنها داخل كردون المدينة، ومحاطة بالبناء من الجميع، ومازالت تبحث عن حلول لأزمتها، لاسترداد أموالها، أو توفيق أوضاعها ولكن دون جدوى.

الأمر لا يقتصر على ذلك، فهناك مشروعات تنموية معطلة، بسبب تعنت مسئولى هيئة الأوقاف، رغم القرار الوزارى رقم 274 لسنة 2016، بالسماح بالبيع لتنفيذ مشروعات مخصصة للنفع العام كبناء مدارس أو مستشفيات أو مراكز للشباب أو مرافق عامة.

يا حارس الوقف الأمين.. نحن على يقين بأن الوقف فى أيد أمينة، فرحمة بالفلاح البسيط وبضحايا عمليات الشراء دون علم بأنها أراضى أوقاف، والضرب بيد من حديد على مافيا التوكيلات المضروبة للاستيلاء على أملاك الدولة.