
رشاد كامل
خطة بريطانية لخطف أم كلثوم وعبدالوهاب!
فى سنوات قليلة طارت شهرة ومكانة كوكب الشرق أم كلثوم وموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب إلى سماء العالم العربى.. بل وصل الأمر إلى صراع شرس بين رجال المخابرات البريطانية ومخابرات دول المحور ألمانيا وإيطاليا على أسطوانات أم كلثوم وعبدالوهاب عندما كانت الحرب العالمية الثانية على الأبواب صيف عام 1939.
تفاصيل الحكاية المثيرة رواها الأستاذ محمد التابعى وكما سمعها من موسيقار فرنسى كان متزوجًا من صديقة للتابعى وأثناء العشاء فى أحد المطاعم الفاخرة الذى تخلله ألوان من الرقص والغناء، يروى الاستاذ التابعى القصة قائلًا: جرنا الحديث إلى الغناء فى مصر وإلى أم كلثوم وعبدالوهاب وكان صديقى الموسيقار قد زار مصر أثناء الحرب مع جنوب الجنرال ديجول وكان يعمل فى أقلام المخابرات، ومعلوماته مستقاة من زملائه من المخابرات البريطانية، وقال لى عندما لاح شبح الحرب صيف 1939 لاحظ رجال المخابرات البريطانية فى الشرق الأوسط أن وكلاء المحور ألمانيا وإيطاليا راحوا يجمعون من السوق فى القاهرة وتل أبيب ويافا والقدس وبيروت ودمشق وحلب إلخ جميع الإسطوانات العربية، خصوصا إسطوانات عبدالوهاب وأم كلثوم.
وهنا فطن رجال المخابرات البريطانية إلى أن المحور يستعد لحرب الدعاية ونشطوا هم كذلك إلى شراء هذه الإسطوانات، وسر هذه الدعاية هو أن الدعاية الألمانية أو البريطانية سوف تضمن استماع البلدان العربية لها إذا هى بدأت بأغنية لعبدالوهاب، وأقبل عام 1942 وبدأ «روميل» هجومه فى يناير عام 1942 وتوالت هجماته وتتابعت هزائم البريطانيين وانطلق روميل صوب دلتا النيل!!
ومضى الموسيقار يروى للتابعى الإجراءات التى كانت ستتخذها بريطانيا فى حال إضطرارها للانسحاب من مصر، ومنها إجراء واحد لم يذع سره حتى هذه اللحظة!
ويمضى التابعى قائلًا: سكت لحظة وهو يبتسم لكى يرى وقع كلامه فى نفسى فقلت له: إرغام الحكومة المصرية على الخروج مع البريطانيين من مصر لكى تقوم فى الخارج حكومة مصر الحرة!!
قال: كلا لكن وزارة الاستعلامات البريطانية ألحت فى أمر واحد وأمرت رجالها فى مصر باتخاذ تدبير، مهما كان الثمن، ومهما كانت العقبات وهو خروج أم كلثوم وعبدالوهاب من مصر بالرضا أو بالإكراه!!
وبدت الدهشة على وجهى ثم ضحكت، وفهم هو من ضحكى إننى أشك فى روايته فقال بلهجة كلها جد: صدقنى هى الحقيقة ما أقول لقد كان فى نية السلطات البريطانية إذا ما اضطرت إلى الانسحاب من مصر أن تأخذ معها - طوعا أو كرهًا - عبدالوهاب وأم كلثوم لأنها كانت تخشى أن تستغلها الدعاية الألمانية الى أبعد حدود الاستغلال!! ولقد كان يكفى أن يعلن راديو القاهرة التى يحتلها الألمان، أن أم كلثوم أو عبدالوهاب يغنيان هذا المساء لكى ينصت العالم العربى كله إلى إذاعة القاهرة الذى يسيطر عليه الألمان وهذا هو الخطر فى حرب الدعاية!
قلت: ولكن من كان يضمن أن أم كلثوم وعبدالوهاب سوف يوافقان على الغناء؟!
ابتسم صديقى الفرنسى وقال: محال أن تكون جادًا فى سؤالك هذا!! والا فأنت لا تعرف النازيين.. لقد كان أمرًا ممكنًا جدًا أن يجلس عبدالوهاب وأمامه ميكروفون الإذاعة، ووراءه يقف جندى ألمانى ينخزه بطرف السونكى إذا توقف عن الغناء..
انتهت الحكاية لكن يبقى الدرس منها وهو أن الفن بحق أحد أسلحة القوى الناعمة التى تملكها مصر فى كل زمان ومكان!!