الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
ذكريات ابنه حسين: أبى شوقى أمير الشعراء!

ذكريات ابنه حسين: أبى شوقى أمير الشعراء!

دخل أمير الشعراء «أحمد شوقى بك» تاريخ الأدب العربى بإبداعاته الشعرية ومسرحياته الرائدة، وما أكثر الحكايات التى رواها المقربون منه، وفى مقدمتهم الموسيقار «عبدالوهاب» والشاعر «كامل الشناوى»!! لكن المفاجأة الإنسانية والأدبية هى ذلك الكتاب الممتع والبديع الذى أصدره ابنه «حسين» وعنوانه «أبى شوقى» بمقدمة رائعة للشاعر اللبنانى الكبير «خليل مطران بك». صدر الكتاب عام 1947 بعد مرور خمس عشرة سنة على وفاة شوقى، وأعيد طبعه عام 2006 عن الهيئة العامة لقصور الثقافة بثمن زهيد ثلاثة جنيهات!!



صحيح أن الأستاذ «حسين» تحدث عن والده الشاعر الكبير وصداقاته مع نجوم عصره لكنه أيضًا تحدث عنه كأب ووالد فيقول مثلاً: كان سريع التقلب كالمحيط فطعام لم يهيأ كما رغب يعكر مزاجه، ولكن إذا كان مزاجه معتدلاً فهو لطيف غاية اللطف يدلل الجميع ويلاطفهم، بل يرهق من حوله منا بالقبلات!!

على أن أهم عيوب أبى أنانيته الشديدة، فمثلاً أننا لم نكن نستطيع أن نتغدى فى ساعة معينة، بل كان لزامًا علينا أن ننتظر إلى أن تأتى شهيته، وكثيرًا ما كان يطول هذا الانتظار، لأنه كان يصحو من نومه متأخرًا فيفطر بطبيعة الحال متأخرًا أيضًا، وسبب هذا التأخير فى النوم أنه يراجع بعدما يعود من سهرته ما نظم من شعر طوال نهاره. أما العشاء فكان يتناوله معظم الأحايين فى الخارج!.

ويتذكر أيام المنفى فى إسبانيا فيقول: «كان أبى يعطينى بنفسه دروسًا فى اللغة العربية طوال مدة المنفى كما كان يدرس لأخوى، كذلك شرع أبى فى تعلم اللغة الإسبانية ولكن نطقه فيها لم يكن سليمًا لذلك كان يثير ضحكنا، كلما أخطأ فى النطق أمامنا، مما كان يغضبه ويجعله يصيح: أنتم أولاد غير متربيين!!

وتنتهى رحلة المنفى ويعود شوقى إلى مصر سنة 1919 ويصف حسين ما جرى قائلاً: «كان الاستقبال شاملاً رائعًا، إذ تجمع فى فناء المحطة آلاف الطلبة لتحية أبى ثم أخذوا يهتفون بحياته فى حماس عظيم ثم حملوه على الأعناق حتى السيارة».

غير أن أبى كان جد آسف على انه لم يستطع أن يشترك فى تلك الثورة المباركة ـ 1919 ـ بسبب وجوده بالمنفى، ولكنه سجل أحداث هذه الثورة فيما بعد فى كثير من المناسبات.

ويكشف حسين عن زيارة سعد زغلول لأمير الشعراء بمناسبة زواج على ابن شوقى على ابنة خالته فيقول:

تفضل سعد باشا بالحضور فى زفاف على ولكنه جاء مبكرًا وانصرف مبكرًا وذلك خشية من رطوبة الليل وكان هذا تلطفًا من سعد، لأنه لم يزر فى عهده الأخير بيتًا، كما إنه لم يغش مجتمعًا! وقد حضر فى أثناء وجوده مصور لالتقاط صورة لسعد وأبى، فحدث أثناءها حوار رقيق أبان عما يكنه سعد لأبى من تقدير صحيح وود مكين!

قال أبى إن الأستاذ «الجديلى» ـ المصور ـ دبر كل هذا، فابتسم سعد وقال إنه تدبير تسرى فيه روح أمير الشعراء، فقال الأستاذ الجديلى: هذه صورة الخالدين! فقال سعد مشيرًا إلى أبى: هنا الخلود! وقد قُدمت الصورة إلى سعد بعد ذلك فتقبلها بقبول حسن.

كان أبى يذكر على الدوام عهودًا كريمة كانت بينه وبين سعد باشا، وكان من أغلى الذكريات عنده «ساعة» أهداها له سعد باشا فى مناسبة كريمة، وذلك أن أبى كان فى سويسرا والتقى هو وسعد باشا وكان سعد يختار هدية الزفاف بأم المصريين فاشترك أبى فى الاختيار ثم اختار فى الوقت نفسه تلك الساعة وأهداها لأبى.

ومما زاد من محبة أبى لسعد باشا تفضل دولته بترشيحه لمجلس الشيوخ عن دائرة «سيناء» وقد اختارها له لأنها مهبط الديانات ومسرى الوحى، كذلك لأن هذه لا تحتاج إلى نضال حزبى.. وفعلاً انتخب أبى عن هذه الدائرة وكان انتخابه بالتزكية!

كان أبى كثير التردد على بيت الأمة وكان يسطصحبنى أحيانا إلى هناك، فكنت أذهب معه وأنا مغتبط لأن شخصية سعد باشا كانت جذابة جدًا، ولأن دولته كان يتفضل بملاطفتى! وللحكاية بقية!