الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
هجمة شرسة  لـ«كابوس كورونا»

هجمة شرسة لـ«كابوس كورونا»

بينما تستعد دول أوروبا للعودة إلى الحياة الطبيعية، بعد اقترابها من «مناعة القطيع»، بتطعيم غالبية مواطنيها، فإن عاصفة الإصابات بـ» كابوس كورونا» تفتك بالهند والبرازيل، فكلاهما تعانيان من مأساة إنسانية، نتيجة  تحور مزدوج للفيروس، الذى يحصد يوميا مئات الآلاف من البشر، ويهدد الملايين من سكان العالم.



ورغم الموجة الحارة التى تضرب مصر وعددا من دول الشرق الأوسط، إلا أنها تشهد « هجمة مرتدة» شديدة الخطورة، فالموجة الثالثة للفيروس، أكثر شراسة، والإصابات غير مسبوقة، وسرادقات العزاء فى كل مكان، والأرقام الحقيقية تفوق بكثير ما يتم إعلانه رسميا، فما تم تسجيله بالمستشفيات بلغ أمس 1078 إصابة و62 حالة وفاة.

 ما يجعلنا نخشى من تفاقم الوضع الوبائى، هو الإهمال الشديد من جانب المواطنين فى تطبيق الإجراءات الاحترازية، وعدم اللامبالاة من تحذيرات الحكومة وتهديداتها بالإغلاق التام حال عدم الالتزام وتفاقم الوضع الوبائى، فركاب وسائل النقل العام يتحايلون على لجان التفتيش، والمطاعم والمقاهى والمولات التجارية تعمل حتى الساعات الأولى من الصباح، والأسواق تكتظ بالمواطنين، وسرادقات العزاء تنتشر فى الشوارع، والعزومات الرمضانية فى كل بيت، دون إتباع أدنى اجراءات الوقاية، من ارتداء للكمامة أو التباعد الاجتماعى، أما الهيئات والمصالح الحكومية فاكتفت هى الأخرى بنشر ضوابط الوقاية فى مداخلها ولوحات إعلاناتها، دون التزام موظفيها بتطبيق الإجراءات الاحترازية.

الأخطر من إهمال المواطنين، أن هناك قطاعا عريضا من المرضى ينكرون إصابتهم بـ» كورونا»، باعتباره « وصمة عار» مدعين أنهم يعانون من دور برد عادى، ويرتكبون جريمة كبيرة فى حق الوطن، عندما يذهبون إلى أعمالهم ويتجولون فى الشوارع ويختلطون بالأبرياء من عائلاتهم وزملائهم وأصدقائهم، ويساهمون فى نقل الفيروس الذى ينتقل فى متوالية هندسية سريعة الانتشار.

إذا كانت الحكومة قد تنبهت مبكرا لخطورة الموجة الثالثة، وأوقفت الدراسة مبكرا للمراحل التعليمية، ووفرت الأدوية والمستلزمات الطبية والأكسجين بالمستشفيات، ولكن عليها ألا تراهن على وعى المواطنين إذا كانت تخشى من الإغلاق العام أو تعرض البلاد إلى مأساة إنسانية، وعليها أن تتعامل بحزم شديد مع المخالفين للإجراءات الاحترازية، وألا تكتفى بسحب الشيشة من المقاهى والكافيهات، بل يمتد الأمر إلى الإغلاق وسحب الترخيص ودفع غرامات مالية فورية للمواطنين غير الملتزمين ، وتشدد القيود فى الموانئ والمطارات، حتى لا تتسلل السلالة الهندية للفيروس التى انتقلت إلى 17 دولة من بينها الأردن.

المثير للدهشة، أن الفضائيات توقفت منذ فترة طويلة عن بث إعلانات التوعية والتحذير من خطورة فيروس كورونا، وركزت على موسم الدراما الرمضانية التى تدعو للانحلال الأخلاقى والبلطجة وتجارة السلاح والمخدرات، كما ركزت أيضا على الإعلانات التى تدر عليها مليارات الجنيهات، مثل إعلانات «البوكسر»  والمؤسسات الاجتماعية التى تلهث وراء التبرعات وأموال الزكاة، و»شركات المحمول والبنوك التى لا تحتاج إلى دعاية»، والكمبوندات الفاخرة التى تتجاوز الخيال، وتثير الحقد الطبقى فى مجتمع يعيش أكثر من 30% من مواطنيه  تحت خط الفقر.

الفضائيات يجب ألا تتخلى عن دورها لتوعية المواطنين وتحذيرهم  بخطورة فيروس كورونا، وضرورة اتباع الإجراءات الوقائية، وكيفية التعامل الطبى عند الإصابة بالفيروس، وحث المواطنين على ضرورة الإسراع فى الحصول على  اللقاحات، كى تقترب مصر من « مناعة القطيع» خلال عدة أشهر، خصوصا أن الدولة وفرت كميات كبيرة منها، بعدما اعتمدت هيئة الدواء المصرية لقاحات سينوفارم الصينى واسترازينيكا البريطانى وسبوتنيك الروسى.