
رشاد كامل
«روزاليوسف» والأميرة مارى والمندوب السامى البريطانى
قبل خمسة أيام فقط من صدور مجلة «روزاليوسف» فى 26 أكتوبر سنة 1925 وصل إلى مصر المندوب السامى البريطانى الجديد «اللورد جورج لويد»!
كان «الشك» أحد أبرز صفاته، يشك فى كل شيء واثق من نفسه يرى أنه لا يخطئ أبدًا». وكان يستهل عمله كل صباح قائلاً لموظفيه الإنجليز: ماذا قالت الصحف عنى هذا الصباح؟! وكان يغضب إذا تجاهلته الصحف المصرية يومًا أو أهملت الحديث عنه، وكان ضدها باستمرار وينتقد موقفها منه وهجومها عليه.
وكانت «روزاليوسف» على رأس الصحف التى هاجمت تصرفاته عندما زارت مصر صاحبة السمو الملكى البرنسيس مارى ونزلت فى ضيافته، فى ربيع سنة 1928 وفوجئ اللورد جورج لويد بروزاليوسف تنشر فى بابها الشهير «خطابات مفتوحة إلى العظماء والصعاليك - عدد 3 أبريل - برسالة نارية على النحو التالى:
إلى حضرة صاحبة السمو الملكى البرنسيس مارى - دار المندوب السامى القاهرة، صاحبة السمو الملكي، لجلالة أبيك وكلاء ومندوبون ورجال فى مصر، كانت لهم تصرفات وكانت لهم أعمال ندعوها ظرفًا منا وأدبًا «أغلاطًا وأخطاء»، وأما التاريخ فسوف يجد لها نعوتًا أخرى، وكلما بعدت هذه النعوت عن الظرف والأدب كلما قربت من الحقيقة!
من هذه الأخطاء والأغلاط الخطة التى رسمت يوم وصولك «لتهريبك» من محطة العاصمة إلى دار المندوب السامى عن طرق مهجورة، وشوارع نائية، كأنك بضاعة مهربة أو شحنة غير مرغوب فيها يجب إدخالها إلى البلد خلسة وفى غفلة من أهلها!
ترى ما الذى كان يخشاه صاحب الفخامة مضيفك المندوب السامى إن صح أنه صاحب هذه الخطة العبقرية؟!
هل كان يخشى عليك من «زغرات» المصريين أو طوب وحجارة الطلبة أو نداء السقوط؟ إذن فيا قلة ما يعرفه عنا ويا قلة ما درسه من أخلاق وآداب هذا البلد بعد أن أقام بيننا سنوات، كانت الطرق يا سيدتى الأميرة مزدحمة على الجانبين بمصريات ومصريين يدعكون أكفهم ليلهبوها تصفيقًا لك وتحية لمقدمك، وكانت الشرفات مملوءة بالسيدات والسادة وفى أيديهم الورود والرياحين ليرموها عليك وينادون بحياتك!
ولم يكونوا فى كل هذا مستجدين منك تساهلاً أو تنازلاً عن أحد التحفظات أو تعديلاً لأحد التصريحات وإنما كانوا معبرين عن شعورهم بالجميل الذى طوقت به أسرتك الملكية والشعب الإنجليزى عنق مصر يوم استقبلتم مليكها «الملك فؤاد» بتلك الحفاوة الباهرة الصادقة.
ومضت روزاليوسف تقول: صمى أذنيك يا صاحبة السمو عن نصائح وآراء مضيفك صاحب الفخامة ، فله آراء ونصائح استوحاها من بطون الكتب والتقارير، لا من حقائق الواقع وتجارب الاحتكاك والمباشرة! لا تصدقى أحدًا سواء كان ساميًا أو غير سام، إذا قال لك عنا إننا قوم لا نعرف الجميل ولا نرعى حرمة الضيف الكريم!
اخرجى من عزلتك وامشى إن شئت على قدميك فى شوارع العاصمة وتحققى بنفسك من أن لنا وجوها لا تفرق كثيرًا عن وجوهكم ونفوسًا إذا اختلفت عن نفوسكم فى شىء فإنما فى شدة الصفاء!
تحدثنا إلى قرائنا كما تحدث غيرنا عن ديمقراطيتك وتواضعك فأثبتى لقرائنا أننا لم نكم مغالين ولا كاذبين، اركبى حمارًا عند سفح الهرم أو اذهبى وعطرى يديك بعطر الورد واشربى الشاى فى خان الخليلى!
وإذا عثرت قدمك الصغيرة الملكية فى حجر هجر مكانه فى الشارع أو نتوء كان يجب ألا يكون، أو تصاعدت إلى أنفك الحساس رائحة غير رائحة العطر، فاذكرى أن معظم رؤساء مصلحة التنظيم من الإنجليز!!
تحياتى صادقة أرفعها إلى مقامك السامى راجيًا أن تتنازلى بقبول احترامى.