الأربعاء 15 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
روزاليوسف والعقاد.. بداية ونهاية!

روزاليوسف والعقاد.. بداية ونهاية!

«أبرز أبناء الجيل الأول الذى عمل فى روزاليوسف وأكثرهم قوة وأصالة ثلاثة هم العقاد ومحمود عزمى والتابعى».



بهذه الكلمات بدأ الناقد الكبير الأستاذ «رجاء النقاش» مقاله المهم والممتع «ثلاثة على صفحات روزاليوسف» وفى المقال الماضى استعرضت ما كتبه عن الأستاذ «محمد التابعى» وفى هذا المقال نكمل رؤيته حيث كتب يقول:

«عمل العقاد فى روزاليوسف عندما أصبحت جريدة يومية فى سنة 1935 وكان العقاد كاتب الوفد الأول وكانت روزاليوسف وفدية أيضا، ومنذ الأيام الأولى بدأ الخلاف يظهر شيئا فشيئا بين روزاليوسف والوفد حتى انتهت العلاقة بينهما بقرار أصدره الوفد!

وقد أثار موقف روزاليوسف فى ذلك الحين ضجة كبيرة ولكننا عندما نتأمل هذا الموقف اليوم - سنة 1959 وقت نشر مقال رجاء النقاش - فإننا لا نستطيع أن نخرج إلا بنتيجة واحدة هى: أن هذا الخلاف كان لابد أن يحدث فطبيعة روزاليوسف كانت تختلف عن طبيعة تركيب الوفد!!

فروزاليوسف تضم جماعة من الكتاب المثقفين الذين لا يقبلون شيئا إلا إذا اقتنعوا به وناقشوه والذين يعتزون بثقافتهم وبشخصيتهم، إنهم أفراد ممتازون يريدون من الحياة غير ما يريده الفرد العادى، لا يستطيع أحد أن يضحك على عقولهم أو يدفعهم إلى موقف لا يرضونه!

وكان تركيب الوفد يقوم على الطاعة الكاملة ويطلب من أنصاره الموافقة والتصفيق، لا السؤال والمناقشة وطلب الفهم والتفسير، كان سكرتير الوفد يقول عن رئيس الوفد - النحاس باشا - لقد تطورت السياسة فى مصر إلى زعامة وتطورت الزعامة إلى زعيم. وما كان باستطاعة واحد كالعقاد مثلا أن يضع نفسه موضع المصفق وما كان باستطاعة مجموعة روزاليوسف أن تكون كذلك، لم ينسجم الوفد مع هذه العقلية المستقلة فى التفكير.

وانتهت العلاقة بين الوفد وروزاليوسف.. ووقفت روزاليوسف وحدها وخسرت الكثير من هذا الموقف ولكنها أصرت عليه!

كان العقاد من أعلام روزاليوسف فى تلك الفترة، وكما كان متطرفا فى حب الوفد والارتباط به أيام «سعد زغلول» وبعده بسنوات، أصبح متطرفًا فى خصومة الوفد بعد المشكلة التى حدثت بينه وبين روزاليوسف!

وتلك طبيعة العقاد: رجل متطرف عنيف لا فرق فى ذلك بين شيخوخته وشبابه!

ويمضى الأستاذ رجاء النقاش قائلا فى نفس المقال:

والعقاد مثقف من كبار المثقفين العرب المعدودين فى القرن العشرين، وهو رجل اعتمد على نفسه وصعد فى طريق حياته بجهده الخاص».. بدون شهادة بدون ثروة!

وقد خلقت حياته تلك فى نفسه ما يمكن أن نسميه بعقدة «الفرد الممتاز» الذى يشعر دائما أن بينه وبين الفرد العادى اختلافا فى المستوى وفى القيمة المكتسبة بعد عرق وكفاح طويلين.

وحياته طويلة غنية بالخطأ والصواب فيها الهزات التى مر بها مجتمعنا خلال خمسين سنة، كان العقاد يكتب فيها باستمرار ودون توقف.

وقف العقاد ضد «شوقى» - أمير الشعراء - موقفا عنيدا شديد العنف، وكان شوقى آنذاك اسما لامعا رنانا وكان رجلا أرستقراطيا يعيش فى رحاب الأمراء والقصور!

ولو حاولنا أن نبحث عن منهج سياسى للعقاد لما استطعنا أن نقول أكثر من إنه ديمقراطى على الطريقة الغربية إذا صح هذا التعبير!

اخرج الثقافة العربية القديمة إلى نور عصرى من براثن الكتب الصفراء إلى كتب حديثة يمكن أن يهضمها العقل العصرى ويفهمها، أما فى الميدان الثقافى فهو أستاذ ورائد ولكننا لن ننسى عداءه الشديد للجيل الجديد الذى تعلم على يديه».