الأربعاء 31 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
عصر الحكمة 2-2

عصر الحكمة 2-2

كما أشرنا سابقًا فإن هذا الكم الكبير من الأجهزة والتطبيقات والأنظمة والمستخدمين المتصلين على شبكات المعلومات المختلفة وعلى رأسها شبكة الإنترنت للقيام بجميع العمليات الإنسانية التقليدية بالإضافة إلى العديد من العمليات المستحدثة ـ الرقمية بالكامل ـ والتى فرضها هذا العالم الرقمى الجديد ينتج عنه كم كبير جدًا من البيانات والمعلومات المهمة والتافهة السرية والعلنية على حد سواء.



ونتيجة طبيعية لهذه التشابكات الكبيرة أطلقنا على العصر الحالى «عصر المعلومات» التى توصف أيضا بأنها بترول هذا العصر ووقود التنمية وهى أمور حقيقية لا شك.

ولكن مع كل هذا الكم الكبير من البيانات والمعلومات يصاب المستخدم العادى كما تصاب المؤسسات والشركات والحكومات أيضا بما يمكن أن يطلق عليه «تخمة معلوماتية» ناجمة عن التعاطى مع هذا الكم المهول من المعلومات القديمة والجديدة والمركبة ومع العديد من التحليلات السليمة والخاطئة لتلك المعلومات أو لأجزاء منها. 

أين المشكلة إذا إذ ربما ينبرى البعض متحدثا عن أن المعلومات قوة ومن يملك المعلومة يملك التقدم والنجاح مقارنة بمن لا يملك المعلومات أو لا يمتلك الصورة كلها وهى حقيقة سليمة نوعا ما إلا أن كثرة المعلومات وعدم القدرة على تصنيفها وتبويبها وتحليلها واستخراج العلاقات بين أطرافها ربما تتركنا فى حالة تكون هى والجهل سواء.

أبسط مثال للكثرة الضارة هو عدد القنوات التليفزيونية مقارنة بوجود قناتين فقط فالنتيجة الحالية هى التنقل بين تلك القنوات لهاثا وراء الأفضل والأكثر إثارة ثم تكون المحصلة النهائية مشاهدة أقل واستفادة أقل وأقل وتشويش وتوتر أكثر وأكثر.

نحتاج أن ننتقل سريعا إلى ما يمكن أن نطلق عليه «عصر الحكمة» Wisdom Era  وهو العصر الذى لا نهتم فيه كثيرًا بقراءة البيانات الخام Raw Data كما لا نهتم بالمعلومات المتناثرة غير الواضحة Scattered Pieces of Information   ونقدر المعرفة Knowledge  ثم نهتم بالحكمة وراء تلك الطبقات المختلفة التى بنيت تلك الحكم بناء عليها. 

الغريب أن عصر الحكمة أن بدأ فى إصدار إشارات وحكم يستفيد بها البشر سنجد أن حكم الأولين والأقوال المأثورة وتعاليم الأديان سيكون لها السبق فى هذا العصر المنشود.

عصر الحكمة ليس رفاهية أو فلسفة كلامية غير فعالة بل هو الحل الوحيد للطوفان المعلوماتى الحالى وكما تم إدخال الحاسب الآلى إلى المدارس يجب أن نبدأ فى إدخال أدوات تحليل البيانات والإبداع كجزء أساسى من بناء النشء بعقلية المستقبل.