
رشاد كامل
رسائل التابعى إلى «روزاليوسف»!
أعتقد أن كتاب الأستاذ الكبير «صبرى أبوالمجد» عن الأستاذ الكبير والأسطورة «محمد التابعى» هو أشمل وأعمق وأجمل كتابة عن التابعى.. والكتاب صدر فى جزءين من حوالى ألف ومائتى صفحة مع مقدمة رائعة لأرملة الأستاذ التابعى السيدة «هدى التابعى» والتى أمدت الأستاذ «صبرى» بخطابات ووثائق نادرة كان يحتفظ بها الأستاذ التابعى ولم ينشر شيئًا منها. لعل أهم هذه الخطابات هى تلك التى كان يتبادلها مع السيدة روزاليوسف طوال فترة سجنه فى زمن وزارة إسماعيل صدقى باشا التى بدأت فى يونيو سنة 1930 ودامت لمدة ثلاث سنوات وبضعة أشهر.
تقول السيدة روزاليوسف فى ذكرياتها: «التابعى رجل مرفه، رقيق المزاج، له أسلوبه الذى لا يتخلى عنه فى الطعام والشراب والراحة، فليس غريبًا أن يزعجه السجن ويضايقه ضيقًا شديدًا، وكنا نشعر بضيقه الشديد وراء القضبان من الرسائل والطلبات التى كان يبعث بها كل يوم، كانت له فى كل يوم طلبات، حتى عينا موظفًا خاصًا لكى يحمل إلىَّ خطاباته ويعود إليه بما يطلب!
وما زلت أذكر أنه كان يطلب يوميًا - كميات جديدة من الحلاوة الطحينية، فى إحدى المرات أرسل يطلب «كافيار» وفعلًا ذهبت إلى محلات «لاباس» ولم أفكر فى أن أشترى «كافيار سائب» اشتريت له علبة كافيار زجاجية فاخرة أرسلتها إليه.. وفى اليوم التالى جاءنى منه خطاب يتميز غيظًا يقول فيه إن علبة الكافيار محكمة الإغلاق وأن السجن ليس فندقًا فيه شوكة وسكين ليفتح العلبة وقد روى لى بعد خروجه كيف اضطر للاعتصام بدوره المياه يومًا وكسر علبة الكافيار ليستطيع أن يأكلها».
وأعود إلى حكاية الخطابات وعددها 37 رسالة أحجامها مختلفة، غالبيتها من صفحة واحدة ومكتوبة بقلم رصاص.
وبتاريخ 6 يونيو يكتب التابعى لـ«روزاليوسف» قائلًا: بدأت أمس بكتابة القصص للسينما وسوف أبدأ اليوم أو غدًا إن شاء الله بوضع السيناريو وربما كان الوحيد من نوعه لأنه كتب فى السجن، واعذرينى إذا رجوتك مرة أخرى أن تعاودى الكرة على وزير الحقانية من أجل السماح لى بالسرير والأكل من الخارج لأننى معتبر مريضًا وملحقًا بالمستشفى ولكن يمكن للطبيب فى أى وقت أن يقول إننى شفيت من مرضى وبناء عليه أحرم من السرير!!
وأما الطعام الذى آكله منذ جئت أى منذ 9 أيام فهو طعام المرضى شوربة وعدس ولبن ورز أو رز باللبن فقط، لقد كنت قبلًا من أنصار الشوربة ولكن بعد 9 أيام أصبحت أكرهها «عما»!!
وفى خطابه بتاريخ 7 يونيو يكتب لـ«روزاليوسف» قائلًا: كنت أحضرت لى أربع روايات إحداهما سبق لى أن قرأتها قبل السجن، وقد انتهيت مساء أمس من قراءة آخر رواية وكما قلت لك أمس يلزمنى على الأقل كل أسبوع 4 أو 5 روايات وها أنا أقضى اليوم نائمًا على ظهرى ولا شىء أقتل به مرور الساعات الطويلة.
وفى نفس الخطاب يورد ملاحظاته على ما تنشره المجلة فيقول: «اقترح إعادة قصة الأسبوع بدلًا من باب الطلبة أو الألعاب الرياضية التى ستقف بمناسبة فصل الصيف ويوجد فى الإدارة بضعة قصص موجودة فى الدرج الثانى الخاص من اليمين فى مكتبى!! وإنما افحصوها جيدًا حتى لا تنشروا ما يكون مخالفًا للآداب!! وفى نفس الدرج يوجد أيضًا مقالات أخرى تنفع للملزمتين الأخيرتين، ويوم تنشرون قصة الأسبوع سوف لا يمضى أسبوع حتى تنهال عليكم القصص من القراء وفى وسعكم أن تنشروها بالصور الكاريكاتور الصغيرة من باب التحسين ولفت الأنظار.. وفى وسعكم أن تنشروا كثيرًا من الأخبار التى لا خطر منها، ابعدوا عن الأعمال الحكومية واتهام الموظفين ومنهم طبعًا الوزراء بتهم معينة. وللخطابات بقية.