
محمد صلاح
كبار السن
عندما يذهب كل منا إلى قريته فى المناسبات الاجتماعية، ينتابنا شعور بالراحة النفسية والسكينة والطمأنينة، حيث تجالس أصحاب القلوب النقية، والابتسامة الصافية التى تأسر القلوب، والتى تخفى وراءها همومًا ومعاناة، ما يجعلك تنصت باهتمام شديد إلى مشاكلهم، وتبحث لها عن حلول تحقق أحلامهم وطموحاتهم.
خلف الأبواب المغلقة بالقرى، تتعدد حكايات المعاناة، وتتنوع الأحلام بتغيير الواقع، ومستقبل أفضل للأجيال القادمة.. الآن قد صارت الأحلام حقيقة، حيث منح الرئيس عبد الفتاح السيسى «قبلة الحياة» للقرية المصرية، التى عانت عقودًا طويلة من الإهمال والتهميش، فالإنجازات فى كل مكان لتوفير حياة كريمة لنحو 58 مليون مواطن بتكلفة 700 مليار جنيه، حيث يشهد الريف المصرى أضخم مشروع تنموى فى تاريخ الإنسانية، للارتقاء بمستوى الخدمات للمواطنين، وللفئات الأولى بالرعاية.
أهالينا فى الريف، من كبار السن، ممن يعيشون تحت خط الفقر، وأنهك المرض جسدهم النحيل، مازالوا ينتظرون قطار معاش « «الضمان الاجتماعى»، الذى انطلق قبل سنوات، ثم تعطل أو ضل طريقه، قبل أن يحقق الستر والأمان والكرامة الإنسانية للمسنين فى مواجهة أعباء الحياة، وتوفير الحد الأدنى للمعيشة تليق بهم وتحترم شيخوختهم.
ورغم ضعفهم وقلة حيلتهم، إلا أن أهالينا من كبار السن لم يفقدوا الأمل، وواصلوا التردد «كعب داير» على الهيئات الحكومية، ومكاتب الشئون الاجتماعية، أملا فى أن يوافق الموظف على أوراقهم، أو يمنحهم البشارة بإدراج أسمائهم ضمن المقبولين للحصول على المعاش، ولكن فى كل مرة يعودون إلى منازلهم يجرون أذيال « خيبة الأمل»، بعدما يخبرهم الموظف بأن :» السيستم واقع.. هنعمل إيه مش ذنبنا والله.. عدوا علينا بعد 4 أشهر.. وبعد انقضاء المدة يطلب منهم الموظف تحديث البيانات.. ثم العودة بعد 4 أشهر».. العمر يمر، ولكنهم لم يفقدوا الأمل فى «حياة كريمة» قبل أن يدركهم الموت.
كبار السن ممن يعيشون تحت خط الفقر، دائما وأبدا ما يكونون ضحايا عمليات التحديث والتطوير، فمع دخول قانون التأمينات الجديد حيز التنفيذ، وقانون الضمان الموحد الذى دمج معاشات « ناصر- السادات-المطلقات-الأرامل»، سقطت أسماء الآلاف من المستفيدين من معاش الضمان، وتم إبعاد آخرين عند تحديث بياناتهم، فضلًا عن تأخر دخول مستفيدين جدد من غير القادرين على العمل تحت مظلة الحماية الاجتماعية، وهو ما أدى إلى ترديد شائعات كثيرة بوقف معاش الضمان الاجتماعى.
تكليفات الرئيس عبد الفتاح السيسى للحكومة واضحة، بضرورة توسيع مظلة الحماية الاجتماعية ورعاية كبار السن، صحيًا واجتماعيًا وماليًا، ولذلك على الحكومة أن تكثف من إجراءاتها لتوفير « حياة كريمة» لكبار السن، وتوفير الحد الأدنى للمعيشة التى تليق بهم، حيث يوجد فى مصر نحو 5.5 مليون مواطن من كبار السن فوق سن الخامسة والستين، يمثلون نحو 5.4% من عدد سكان مصر، من بينهم 4 ملايين مواطن خارج مظلة الحماية الاجتماعية، ويحتاجون للرعاية الصحية والاجتماعية والمالية.
لقد حان الوقت لتكريم « كبار السن» وأن ينعم كل منهم بـ«حياة كريمة» تحترم شيخوختهم، وألا يتم تركهم فريسة للضعف والعجز والمرض.