الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الأسوة الحسنة

الأسوة الحسنة

(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) [الأحزاب: 21]. بهذه الآية الكريمة وصف رب العالمين محمدا صلى الله عليه وسلم. ولد صلى الله عليه وسلم فى فجر يوم الاثنين الموافق الثانى عشر من ربيع الأول، والثانى والعشرين من شهر إبريل عام 570 ميلادية، فهو محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف، وأمّه آمنة بنت وهب، ويرجع نسبه إلى سيدنا ابراهيم عليه السلام. ولد يتيم الأب، وفقد أمه فى سنّ مبكرة فتربى فى كنف جده عبدالمطلب، ثم من بعده عمه أبى طالب، وكان فى تلك الفترة يعمل بالرعى ثم بالتجارة. تزوج فى سنِّ الخامسة والعشرين من السيدة خديجة بنت خويلد وأنجب منها كل أولاده باستثناء إبراهيم، فهو من مارية القبطية. كان قبل الإسلام يرفض عبادة الأوثان ولم يسجد لصنم قطّت وكان متميزًا عن باقى الأفراد من سنه حيث لم يشارك شبابهم فى لهوهم ولعبهم، ولُقّب فى مكة قبل الدعوة بالصادق الأمين فكان الناس يودعون أماناتهم عنده، وكان حكيمًا فقد حدث أن أصيبت الكعبة بسيل أدّى إلى تصدّع جدرانها، فقرر أهل مكة تجديد بنائها،(وفى أثناء ذلك اختلفوا فيمن يضع الحجر الأسود فى موضعه، فاتفقوا على أن يحتكموا إلى أول شخص يدخل عليهم، فلما دخل عليهم محمد وكان عمره خمسًا وثلاثين سنة، قالوا «هذا الأمينُ، قد رَضينا بما يقضى بيننا» فأمر بثوب فوضع الحجر فى وسطه وأمر كل قبيلة أن ترفع بجانب من جوانب الثوب حتى تشارك كل القبائل فى هذا الحدث ثم أخذ الحجر فوضعه موضعه، وبذلك قضى على الخلاف بين القبائل فى هذا الحدث.



كُلّف صلى الله عليه وسلم بالرسالة وهو ذو الأربعين سنة، فى شهر رمضان سنة 610م حيث بدأت رحلة الجهاد لنشر دين الوحدانية فى مجتمع قريش المتفشى بظلام الجاهلية فبدأ بالدعوة سرا لمدة ثلاث سنوات ثم جاهر بالدعوة فلقى مقاومة شديدة من أهل قريش، وقد حاولت قريش مرات عديدة بعرض المال عليه والزعامة، لكن محمدًا كان يرفض فى كل مرة، ولما اشتد عداء قريش له ولأتباعه أمر بعض أتباعه بالهجرة إلى الحبشة, وكان ذلك فى عام الحزن حيث توفيت زوجته السيدة خديجة وعمه أبوطالب والذى كان سنده فى قريش فجاءته المواساة من ربه برحلة الإسراء والمعراج بعد الحزن والعسر.. قرر النبى صلى الله عليه وسلم الهجرة إلى المدينة هو وأتباعه بعد أن تآمر عليه سادات قريش الذين عارضوا دعوته وقرروا قتله فدخلها، وعمره يومئذ 53 سنة.. ودعا الناس إلى نشر الرحمة بينهم، ونظّم محمد صلى الله عليه وسلم العلاقات بين سكان المدينة المنورة، وآخى بين المهاجرين والأنصار فى دار أنس بن مالك، وكانوا 90 رجلًا، نصفهم من المهاجرين، ونصفهم من الأنصار، فكان الأنصار يقتسمون أموالهم وبيوتهم مع المهاجرين، وعاش فيها عشر سنوات أخرى داعيًا إلى الإسلام حتى وفاته.

أسس صلى الله عليه وسلم بالجزيرة العربية نواة الحضارة الإسلامية، ووحَّد العرب لأول مرة على ديانة توحيدية ودولة موحدة، ودعا لنبذ العنصرية والعصبية القبلية ولنشر الرحمة بين الناس (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين). والمعجزة التى تحدّى بها الناس هى القرآن الكريم فهو معجزة سيدنا محمد الخالدة، والمحفوظة من التحريف، وصالحة لكل زمان ومكان. ومن عظمة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل لم يجمع لأحد من الأنبياء اسمين من أسمائه إلا للنبى صلى الله عليه وسلم حيث قال (...إن الله بالناس لرءوف رحيم) الحج 65 وقال عن النبى صلى الله عليه وسلم.. بالمؤمنين رءوف رحيم) التوبة128 وقد تُوفى صلى الله عليه وسلم فى ربيع الأول سنة 11 هـ، وقد أتّم 63عاما..

لقد نجح رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حياته، واستمر هذا النجاح بعد وفاته على يد اتباعه فقد صنع الأبطال الذين جابوا الأرض شرقا وغربا لنشر دين الله. إن أعظم موقف يدل على عظمة الرجال الذين صنعهم فى حياته الذى قام به أبوبكر الصديق رضى الله عنه عند وفاة النبى صلى الله عليه وسلم، حيث خرج على المسلمين وقال: (أيها الناس من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حى لا يموت) وقرأ قوله تعالى (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفائن مات أو قتل انقلبتم علي أعقابكم».