
محمد صلاح
مبادرة لعلاج مرضى «الصلب المشقوق»
الصحة من أعظم النعم الربانية، لا يدرك فضلها إلا من فقدها، وذاق مرارة المرض، فإذا كنت معافى فى بدنك، فاحمد الله على عظيم النعم التى منحك الله إياها، أما إذا ابتلاك الله فى جسدك، أو فى عزيز من أهلك، فلا تحزن، ولا تيأس من رحمة الله، فالمرض والعلاج إرادة الله وقضائه وقدره، فالحياة ليست سعادة دائمة، بل مليئة بالشقاء والعناء.
من أشد الأمراض إيلاما، وأكثرها قسوة على النفس البشرية، أن يشعر المريض أنه صار عبئًا على أبنائه، وأن أمنيات الموت تبدو فى ملامح وجوهم ونظرات عيونهم، وهفوات ألسنتهم، بعد أن ضحى بسنوات عمره من أجلهم، أو أن يشعر الأب والأم بالعجز وقلة الحيلة، والحسرة والألم، أمام آهات طفله الذى يعانى مرضًا نادرًا، يغتال فلذة أكبادهم، بعدما عجز الأطباء فى إيجاد علاج لهم، ولكن سيظل الأمل باقيًا فى إرادة السماء.
مهما كان الشخص قويًا ومتماسكًا فى المواقف الإنسانية الصعبة، إلا أن القلب سيخفق تعاطفًا، والدموع تلمع فى العيون، إذا رأيت أبًا يحمل طفله، ويطوف به على العيادات والمستشفيات، أو استمعت إلى شكوى أم تتألم من الحسرة والعجز وفقدان الأمل فى العلاج.
الحديث فى معاناة الفقراء ذو شجون، ومن واجبنا تسليط الأضواء على معاناتهم، لعلنا نجد من يجبر بخاطرهم ويخفف عنهم أوجاعهم، فلمن لا يعلم، هناك 700 مرض نادر، يصيب 350 مليون شخص حول العالم، بحسب تقديرات منظمة الأمراض النادرة، من بينها 300 مرض نادر فى مصر، أبرزها وأخطرها « الأمراض الوراثية، والتمثيل الغذائى» ومن بينها « العظم الزجاجى، الهيموفيليا، الأنيميا الوراثية، الضمور العضلى، والصلب المشقوق» وغيرها، وللأسف الشديد فإن 90% من تلك الأمراض دون علاج حتى الآن، ومن له علاج أدرجته مصر ضمن بروتوكولات وزارة الصحة والتأمين الصحى، ولعل مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسى لعلاج مرضى الضمور العضلى، قد منحت الأمل لمرضى الأمراض النادرة، بشمولهم ضمن مبادرة رئاسية تخفف من آلامهم ومعاناة ذويهم.
إذا كانت الهيموفيليا مرض نادر يتمثل فى عدم تجلط الدم، ويستمر المريض فى النزيف حتى يتوفاه الله، فإن مرض « الصلب المشقوق» أكثر خطورة من السرطان، يصيب الجنين فى الشهر الأول للحمل، وهو عبارة عن انسداد فقرة أو عدة فقرات من العمود الفقرى، ينتج عنها خروج السائل النخاعى والأعصاب من القناة العصبية، وتشكيل كيس على ظهر الطفل ممتلئ بالسائل النخاعى والأعصاب.
تتمثل خطورة المرض، بحسب الدكتور عنتر حجاج أستاذ جراحة المخ والأعصاب، فى أنه يفتك بالطفل طيلة عمره، فجميع المصابين يعانون من شلل الأطراف السفلية، ويحتاجون إلى تدخلات طبية دائمة من 14 تخصصًا طبيًا، وتدخل جراحى فى الشهر الأول تصل تكلفته 40 ألف جنيه، وعناية وعمليات جراحية متكررة منذ اليوم الأول للولادة، فضلا عن جميع المرضى يعانون من مشكلة فى عظام الأطراف السفلية ما يؤدى إلى فقدان الإحساس، وارتخاء العضلات وانحرافات العمود الفقرى، إضافة إلى الفشل الكلوى وعدم التحكم فى البول.
خلال العقود الماضية، الدولة نجحت فى إنشاء العديد من المراكز البحثية ، للتعرف على أسباب انتشار الأمراض الوراثية والنادرة وبروتوكولات علاجها، وتوعية المواطنين للحد من خطر انتشارها، وإنشاء المراكز الطبية المتخصصة، لعلاج الأمراض المستعصية.. ولتخفيف المعاناة عن المواطنين البسطاء، وفى ظل توجه الدولة لتوفير حياة كريمة للمواطنين، عليها إنشاء مراكز تخصصية لعلاج آلاف الأطفال الذين يعانون من أمراض نادرة، وغير القادرين على الحركة، بدلا من اللف « كعب داير» على التخصصات الطبية فى العيادات والمستشفيات.
وأدعو أجهزة الدولة والحكومة والجمعيات الأهلية تبنى مبادرة لعلاج مرضى « الصلب المشقوق» لتخفيف من آلامهم ومعاناة أسرهم.