الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
جـرائم هزت المجتمع ماذا حـدث للمصريين؟

جـرائم هزت المجتمع ماذا حـدث للمصريين؟

أيام قليلة، وتستقبل مصر حدثًا تاريخيًا عظيمًا، لم تشهده منذ أكثر من ألف عام، بانتقال مركز الحكم من القاهرة إلى العاصمة الإدارية، لتدخل مصر عصر الجمهورية الجديدة، التى ترتكز على بناء الإنسان، وتعتمد على نظم الإدارة الرقمية، وتعديل سلوكيات المواطنين، وترسيخ قيم المواطنة وحقوق الإنسان، وإعلاء مبدأ سيادة القانون، والشفافية والنزاهة، ومكافحة الفساد بجميع أشكاله، وتحقيق العدالة الاجتماعية ليعيش جميع المواطنين حياة كريمة، وتعزيز القوة الشاملة للدولة المصرية، ومواصلة التنمية الشاملة لبناء دولة عصرية حديثة تلحق بركب الدول المتقدمة.



ورغم الانجازات العظيمة لتحقيق التنمية الشاملة على كل شبر من أرض مصر، إلا أننا مازلنا نعترف بأن قطاعًا عريضًا من الشعب المصرى سيدخل هذه المرحلة التاريخية المهمة دون تغيير ملموس فى سلوكياته وأخلاقياته.. وللأسف الشديد، المجتمع لا يريد أن يتغير ليتواكب مع التطور الكبير الذى تشهده البلاد، رغم الجهود الكبيرة التى بذلت فى هذه الاتجاه، فمازال المجتمع يعانى من العشوائية، والرشوة والواسطة والمحسوبية، واستعراض للقوة والنفوذ، والانفلات الأخلاقى، والفساد الإدارى، كما تسود فيه لغة الفهلوة وعمليات النصب والاحتيال على الفقراء والأغنياء، وزيادة معدلات الإدمان ومنشطات تغييب العقل بين الشباب، الذين يمثلون حاضر الأمة ومستقبلها، كما غابت النخوة والشهامة والمروءة فى المجتمع، وتربع على قمة المشهد أنصاف الموهوبين، وأصحاب النفوذ، وأصبح الفنانون ولاعبو كرة القدم وأصحاب المال الحرام هم قدوة المجتمع. مجتمع بهذا الحال، لا تستغرب أن تشهد مدنه وقراه يوميًا جرائم قتل بشعة، تقشعر لها الأبدان، ويهتز من هولها الوجدان، مثلما حدث فى جريمة الإسماعيلية، التى تجاوزت ما يحدث فى أفلام الرعب والخيال العلمى، والتى أعادت مجتمعنا إلى عصور الجاهلية، وهى ليست الجريمة الأولى ولن تكون الأخيرة، فكل يوم ترتكب المئات من الجرائم اللإنسانية. للأسف الشديد، جرائم القتل الاسرى تصدرت المشهد، بعنفها وقسوتها، وإذا كان مقتل هابيل على يد أخيه قابيل، أول جريمة قتل لابنى آدم على الأرض، بسبب النفس الأمارة بالسوء، وغياب العقل والحقد والغيرة والحسد، وعدم الرضا وحب التملك لما فى يد أخيه والفوز بزوجته الجميلة، فإن جرائم القتل العائلية فى عصر ما بعد الحداثة لم تختلف مسبباتها ودوافعها عن أول جريمة فى تاريخ الإنسانية، فحب التملك للميراث؛ والغيرة والحسد ودوافع العرض والشرف، ثم النفس الأمارة بالسوء التى توسوس للعقل، الذى تم تغييبه تحت تأثير المخدرات وحبوب الهلوسة، ليتحول بعدها الشخص إلى قاتل، ويصبح القتل «للأسف الشديد» هو مشهد النهاية لكثير من المشكلات الأسرية، ولعلنا نتذكر الكثير من الجرائم التى تخلص فيها أب من أبنائه، أو ابن قام بذبح والديه، أو أُم تتخلص من أطفالها، وزوج يذبح زوجته، أو زوجة تتفق مع عشيقها للتخلص من زوجها وإخفاء خيوط الجريمة.

نحن الآن أمام خطر كبير يهدد المجتمع، فالمخدرات تمثل خطرًا شديدًا على المجتمع، ولا تقل خطورة من الإرهاب، فالمؤامرات الدولية على مجتمعنا وشبابنا بهدف اختطافهم فكريًا وسلوكيًا لم ولن تتوقف، وهذه المرة من خلال تصنيع مخدرات، تتسبب فى إدمان الشباب بعد استخدامها مرة واحدة أو اثنتين، ولعل أكثرها خطورة « الأيس، والشابو، والفودو، والطوابع المخدرة، والاستروكس، والتى تنتشر بين الشباب، وتمثل الدافع الرئيسى لارتكاب جرائم القتل والاغتصاب والانتحار.

أمام هذا التحدى الكبير، لابد أن يتكاتف المجتمع بكافة مؤسساته لمواجهة خطر المخدرات، بإطلاق برامج توعوية فى المدارس والجامعات والمساجد والكنائس ووسائل الإعلام، وتلتزم الدراما بأكواد العمل الإعلامى وتتوقف عن بث مشاهد الإدمان والقتل، التى يقلدها الأطفال والشباب، كما تتوسع الدولة بأجهزتها ومؤسساتها الوطنية فى عمليات التحليل العشوائى لضبط متعاطى المخدرات، وتلتزم المؤسسات والهيئات والمصانع الحكومية والخاصة بتنفيذ القانون وفصل المتعاطين للمخدرات، والأهم من ذلك الضرب بيد من حديد على أوكار المخدرات، والمافيا التى تقف وراء جلب وتصنيع وترويج المواد المخدرة، وتطهير البلاد من خطرها.