الثلاثاء 30 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الدين والأمية والتكنولوجيا

الدين والأمية والتكنولوجيا

من الأمور المسلم بها أن الإنسان الطبيعى يحتاج إلى الانتماء إلى دين ومعتقد وأن يتمتع بقدر من التعليم وكذا أيضا قدر مناسب من المعرفة التكنولوجية وللأسف وعلى الرغم من بداهة هذه الأمور الثلاثة إلا أن الكثير من محاولات الدعاة فى الحالة الأولى ومحاولات المسئولين عن التعليم ومحو الأمية فى الحالة الثانية ومسئولى قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فى الحالة الثالثة لا تنجح بالقدر الكافى على الرغم من إنفاق الكثير من الوقت والجهد لتحقيق تلك الغايات.



وهنا نجد أن تحليل الموقف فى محاولة للإجابة عن سؤال أسباب عدم النجاح هو أمر فى غاية الأهمية والخطورة وبالطبع لا يجب أن تأتى الإجابة من الأشخاص القائمين على تلك الأمور أو المؤمنين بها بل يجب أن تأتى الإجابات من الأشخاص الرافضين لها وجعل تلك هى الطريقة الوحيدة للوصول إلى الحقيقة.

بالنسبة إلى الدين قد يكون السبب الرئيسى هو الخطاب الدينى وما يحمله من رسائل، لا أقول إنها خاطئة ولكن فى الغالب يكون ترتيب تلك الرسائل غير مناسب للمتلقى، النماذج الناجحة لإقناع أى شخص باعتناق الدين يجب أن تبدأ من كيفية صياغة خطاب للإقناع فهذا الشخص مهما كان بعيدا عن الفكرة إلا أنه يحتاج إلى إجابات شافية عن مجموعة من الأسئلة التى تدور بخاطره ولا يجد لها إجابات إلا فى اعتناق دين ما والأدلة على ذلك كثيرة والنماذج الناجحة معروفة ومتاحة، فعند سؤال أى منهم عن أسباب العودة إلى الدين نجد أن السبب الرئيسى هو قدرة الخطاب الدينى الموجه له على الإجابة عن أسئلة لطالما تصارعت فى ذهنه ولم يجد لها إجابات شافية أو مقنعة.

أمر مماثل يحدث عند محاولات محو أمية شخص ما، بالطبع فإن القراءة والكتابة تمثل قيمة فى حد ذاتها ولكن الشخص الجاهل ربما لا يستطيع استيعاب الأمر بهذه الصورة وهو ما قد يجعله يخوض التجربة ثم يعود إلى سابق عهده من الجهل ناسيا ما تعلمه، ببساطة لأنه لم يشعر أن التعليم قد أضاف إليه أى جديد أو لم يساعده على التعامل مع المجتمع بصورة أفضل تعود عليه بفائدة مباشرة، أما الأمثلة الناجحة فنجد أن هذا الشخص قد شعر بالفعل بأهمية التعليم من خلال الفوائد المباشرة التى حققها له ومنها مثلا معاونته فى عمله أو فى تربية أبنائه بصورة أفضل...إلخ.

نفس الشىء يحدث عند محاولة محو الأمية التكنولوجية أو الرقمية لفرد أو لمجموعة دون ربط ذلك بما قد يعود عليهم من فوائد، الأمثلة الناجحة تكون عكس ذلك منها على سبيل المثال أن يأتى إليك أحد الأشخاص ممن لا يعرفون كيف يتعاملون مع تلك التقنيات ويسألك فى أمر ما شديد التعقيد أو التخصص فتنظر إليه معتذرا لعدم معرفتك للإجابة عن هذا السؤال ثم تقوم بالإمساك بهاتفك المحمول والبدء بعمل بحث سريع من خلال احد محركات البحث الشهيرة ثم تقوم بإلقاء الإجابة عليه وهنا تجد أن أساريره قد انفرجت وأن حيرته قد زالت وخاصة عندما يقوم بتجربة ذلك الحل، هنا تجده بعد عدة أيام قد أتى إليك طالبا أن تعلمه كيف يستخدم تلك التقنيات الحديثة فأنت بهذا قد أرشدته إلى كنز لا ينضب من المعلومات والتجارب.

الكنوز فى الدين والتعليم والتكنولوجيا هى مفاتيح الجذب الناجحة وليست القيمة المطلقة لتلك الأمور على الأقل فى المراحل الأولى للتبشير بتلك القيم المهمة.