الإثنين 1 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
درس الناقد الكبير  فؤاد دوارة!

درس الناقد الكبير فؤاد دوارة!

عرفت الناقد الكبير الأستاذ «فؤاد دوارة» عندما كان يكتب بانتظام فى مجلة صباح الخير وكنت وقتها سكرتيرًا لتحريرها.. كان يأتى حاملاً مقاله ويسلمه إلى رئيس التحرير وقتها الأستاذ لويس جريس ومن بعده الأستاذ مفيد فوزى.. كان بسيطًا ومتواضعًا وقنوعًا وأستاذًا كبيرًا ومحبًا للآخرين.. وأسعدنى أن يهدى لى كتابه المهم «عشرة أدباء يتحدثون» بإهداء رقيق قال فيه: «الزميل النابه الأستاذ رشاد كامل مع خالص تمنياتى 5 ديسمبر 1984»!



إلى هذا الحد كان تواضع الناقد الكبير حتى يصفنى بالزميل النابه «أى تواضع ومحبة يختزنها هذا الرجل بداخله» بل إن مقدمة كتابه تؤكد هذا المعنى إذ يقول: إن جهدى فى هذا الكتاب أقل بكثير من جهد المتحدثين.. فليس لى فيه سوى فضل التسجيل وتوجيه المناقشة.. أما الكتاب نفسه فعبارة عن أرائهم وذكرياتهم، فإذا جاز لى أن أهديه فلن يكون الإهداء إلا لهم».

ويقول أيضًا: ومنذ قدر لى أن اكرس معظم جهودى للنقد الأدبى وأنا أحس بأنه مما يكمل عملى ويعينيى على النجاح فيه أن اتصل بكبار أدبائنا أتتملذ عليه وأناقشهم فى مؤلفاتهم وآرائهم، وبعض جوانب حياتهم دون أن التزم كل الالتزام بهذه الآراء فيما أكتبه عنهم!

وزاد من اقتناعى بسلامة هذا الرأى ما حدثنى به توفيق الحكيم ذات يوم من أن بعض الدارسين الأوروبيين والأمريكيين يتجشمون مشقة السفر إلى بلادنا ليقابلوه هو وغيره من كبار أدبائنا قبل أن يشرعوا فى الكتابة عنهم، وفى حين أن نقادنا لا يتجشمون مشقة اجتياز عدة شوارع ليقابلوه ويتحققوا من صدق معلوماتهم قبل أن يكتبوا دراساتهم عنه وعن أدبه!

ويضيف الأستاذ فؤاد دوارة: وما جمعتنى الظروف بواحد من أدبائنا الكبار إلا وخرجت بزاد وفير من الخبرات والذكريات والآراء النافعة كنت أشفق دائمًا أن تتبدد من ذهنى مع مرور الأيام دون أن يفيد منها أحد!

وهكذا نشأت لدىَّ فكرة تسجيل هذه اللقاءات فى أحاديث أدبية أنشرها، بعد أن لاحظت أن معظم ما تنشره صحفنا من أحاديث لأدبائنا يغلب عليه الطابع الصحفى المتسرع ولا تتاح له المساحة الكافية ليفيض الأديب فى التعبير عن نفسه»!

أما الدرس المهم الذى تعلمته من مقدمة فؤاد دوارة فهو قوله بصدق وصراحة: «وقد حرصت على أن أعرض كلا من هذه الأحاديث على صاحبه قبل تقديمه للمطبعة ليحذف منه ما يرى حذفه، ويضيف إليه ما يرى إضافته ليكون لهذه الأحاديث قيمة المرجع العلمى».

ولست فى حاجة إلى القول بأنى قد لا أقر كل ما جاء فى الكتاب من آراء لأنها تتباين وقد تتعارض باختلاف اتجاه كل أديب ومنزعه الفنى بحيث يستحيل أن يؤمن بها جميعًا شخص واحد!

ولم أعن بمناقشة هذه الآراء وتحليلها لأنى اعتقد أن ذلك خارج عن نطاق الكتاب ومهمته.. أن المنهج العلمى السليم يقضى بأن يبدأ الدارس بعرض وجهة نظر الأديب أو المفكر بأمانة كاملة حتى ولو لم يكن يقرها! فإذا تم له ذلك شرع فى الدرس والتحليل والمناقشة!

وقد حقق هذا الكتاب جانب العرض على خير وجه وترك جانب الدرس والتحليل والمناقشة لسواه، أو لدراسات أخرى قد تستعين بهذه الأحاديث التى لم تخل مع ذلك من شىء من التحليل والمناقشة تمثلت فى بعض الأسئلة التى وجهتها إلى المتحدث لاستيضاح نقطة أو اعتراض على أخرى».

أما العشرة الكبار الذين حاورهم فؤاد دوارة فهم: د.طة حسين، توفيق الحكيم، فتحى رضوان، محمود تيمور، محمد فريد أبوحديد، حسين فوزى، يحيى حقى، محمد مندور، نجيب محفوظ، عزيز أباظة».

تصوروا كل هؤلاء العظماء كانوا معًا فى وقت واحد يملأون الدنيا ثقافة أدبًا وخلقًا رفيعًا رحمهم الله.