الثلاثاء 30 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الاقتصاد والسلوك

الاقتصاد والسلوك

يربط الكثيرون بين المستوى الاقتصادى للأفراد والشعوب وبين سلوكياتهم بصورة عامة ويستدلون على نظريتهم التى تؤكد أنه كلما ارتفع المستوى الاقتصادى كلما ارتقى سلوك الفرد والمجموعة



والعكس أيضًا ببعض المواقف والأحداث البسيطة كأسلوب التعامل اليومى والتفاعل مع القواعد التنظيمية كاحترام إشارات المرور كما يذهب البعض إلى تحليل الجرائم وأنواعها مستدلين بهذا الربط أيضًا.

ثم يبدأون فى عقد مقارنات بين دول العالم المختلفة بناءً على هذا المعيار فى مقارنات بين الغرب المتقدم حيث يكون متوسط دخل الفرد كبير جدًا وبين باقى دول العالم والذى لا يتمتع أفراده بنفس المستوى.

والحقيقة أنه لا يمكن فصل التأثيرات الاقتصادية عن انعكاساتها الاجتماعية والسلوكية بالكلية كما لا يمكن اختزال الأمر إلى وجود تلك العلاقة كعلاقة وحيدة ويتم تناسى أو إغفال باقى العوامل.

وقبل أن نستطرد فى الحديث عن تلك العوامل يجب أن نشير إلى أهمية الرجوع إلى منحنى الجرس لمقارنة الأشياء ومراقبة السلوكيات والمقصود هنا هو ملاحظة أوجه التشابه الكبيرة بين سلوكيات وربما جرائم الفئة مرتفعة الثراء والفئة الفقيرة فقرًا مدقعًا وهو ما يوضح أيضًا أن الفئة الأكثر اتزانًا هى الفئة المتوسطة فى المستوى الاقتصادى مقارنة بتلك الفئتين.

عودة إلى الحلقات المفقودة فى هذا التحليل المباشر فنجد أن منظومة القيم والعادات والمعتقدات الدينية فى غاية الأهمية وهى التى تحقق للفرد سلامًا نفسيًا يستطيع به مواجهة وطأة أو وفرة الجانب الاقتصادى  مثلما يشير المتصوفة بأن تجعل الدنيا فى يدك وليس فى قلبك فبدون هذا الأمر وبدون الانتباه له سيستمر الفرد فى اللهاث والافتنان متناسيًا القيم والعادات وتعاليم الأديان أيضا.

والقرآن الكريم يشير فى مواضع كثيرة إلى هلاك من يغفل تلك الأمور سواء على مستوى الأفراد كما فى حالة قارون أو على مستوى الحضارات كما فى حالة إرم ذات العماد التى اختلفت التفسيرات هل هى قبيلة أم مدينة. 

عودة إلى الفكرة الرئيسية والتى نجد أن مؤشرات السعادة لا ترتبط فقط بالبعد الاقتصادى بل تشمل أيضًا أبعادًا مرتبطة بالسلوك والدفء الاجتماعى والعلاقات الإيجابية وهى أمور نلمسها جميعًا على المستوى الفردى ولكن ربما بعد أن نمر من خلال فخ الاقتصاد منفردًا.