الإثنين 1 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
محمود عوض كان شرط أم كلثوم!

محمود عوض كان شرط أم كلثوم!

الصدفة وحدها كانت وراء تأليف الأستاذ الكبير «محمود عوض» لكتابه الجميل «أم كلثوم التى لا يعرفها أحد»، ولم يتصور «محمود عوض» أن يصدر من كتابه أربع طبعات فى غضون سنوات قليلة نفدت جميعها عن آخرها!



وفى مقدمة الطبعة الرابعة «إبريل سنة 1987» يروى قصة هذه الصدفة قائلًا:

«إن أم كلثوم لم تكن مجرد مطربة ولا مجرد نجمة، لقد كانت دنيا بأسرها، لقد كانت فتاة ريفية بسيطة جاءت إلى القاهرة وفى ذهنها حلم محدد تريد أن تحققه، وفى الطريق إلى تحقيق هذا الحلم، أدركت أم كلثوم الدرس الأساسى فى الموضوع كله: إن الذى لا يحترم فنه، لا يحترمه فنه!

وربما كان هذا بعض السبب الذى جعلنى أتحمس لفكرة هذا الكتاب فى سنة 1969، لم تكن الفكرة فكرتى، لأنها فى الواقع كانت فكرة مؤسسة «أخبار اليوم» التى أعمل بها، إن المؤسسة كانت قد بدأت فى إصدار هذه السلسلة الشهرية ـ كتاب اليوم ـ قبل شهور وأراد بعض المسئولين عن المؤسسة حينئذ إصدار كتاب عن «أم كلثوم» واختاروا بالفعل من يكتبه، ولكن أم كلثوم رفضت الفكرة فى حينها جملة وتفصيلًا!

وطلبت المؤسسة من «إحسان عبدالقدوس» رئيس تحرير «أخبار اليوم» ـ حينئذ ـ التوسط لدى «أم كلثوم» باعتباره من أقرب أصدقائها الذين تثق فى حسن تقديرهم!

وحينما أخبرنى «إحسان عبدالقدوس» بأن أم كلثوم قد وقع اختيارها علىّ أنا لأكتب هذا الكتاب كشرط لموافقتها على صدوره، أصابتنى حالة فزع بل ما هو أكثر من الفزع، فلم يخطر ببالى من قبل أن يكون أول كتاب يقدر لى أن أصدره سيكون عن أم كلثوم، ثم إن جمهور أم كلثوم هو بالملايين فى مصر والعالم العربى كله.. ولن يتقبل هذا الجمهور مطلقًا عن أم كلثوم المكتوبة نثرًا بين صفحات كتاب ما هو أقل مما يعرفه عن أم كلثوم المتألقة غناء على موجات الأثير، وإذا قدر لمثل هذا الكتاب أن ينجح فالتفسير جاهز بالطبع وهو أنه من الطبيعى أن ينجح لأنه عن «أم كلثوم».

أما إذا لم ينجح الكتاب؟ وحينما أدرك «إحسان عبدالقدوس» مخاوفى قال على الفور:

ـ أنك ترى الأمر مشكلة بقدر ما أراه أنا تحديًا.. ثم ألست أنت واحدًا من هذا الجيل الجديد الذى يتطلع إلى التحديات؟

وبدأت مشاوراتى مع أم كلثوم بشأن الكتاب وكانت هناك لحظات اتفاق بقدر لحظات الاختلاف!

فأم كلثوم كانت شديدة التحفظ فى رواية تفاصيل ذكرياتها الخاصة، لقد نشرت الدكتورة «نعمات أحمد فؤاد» جزءًا من مذكرات أم كلثوم فى الكتاب الذى أصدرته فى سنة 1952، وكتب الأستاذ المرحوم «على أمين» فصلين من مذكرات أم كلثوم فى مجلة «هى» سنة 1964، والآن توافق أم كلثوم على أن تروى لى من مذكراتها ما يكفى لفصلين جديدين للكتاب!

وأم كلثوم توافق على تناول دور «محمد عبدالوهاب» فى تطورها الغنائى، ولكنها ترى أن «رياض السنباطى» لعب فى تاريخها الغنائى دورًا أكبر لا يمكن تجاهله وبالطبع لم تكن القضية بالنسبة لى مطلقًا قضية تجاهل، ولكنها قضية أن السنباطى نفسه كان عزوفًا تمامًا عن الحديث منذ سنوات طويلة!

وأم كلثوم كانت عنيدة فى إصرارها على عدم الحديث عن حياتها الخاصة وتتمسك بفكرة أن شخصيتها كمطربة هى كل ما يعنى ـ ويجب أن يعنى ـ القارئ والمستمع!

ويستطرد الأستاذ محمود عوض: «أشياء وأشياء اختلفنا فيها أحيانًا.. واتفقنا فيها أحيانًا.. حتى يصل الكتاب إلى مستوى توقعات القارئ، وحينما أعود الآن بالذاكرة إلى الخلف، فإننى أدرك فعلًا إلى أى حد كانت «أم كلثوم» صبورة معى.. صبورة ومتفهمة ومدركة للحقيقة الجوهرية وهى أن كل جيل إنما يعبر عن عصره هو.. بأكثر مما يعبر عن عصر مضى»!

ويظل كتاب الأستاذ «محمود عوض» عن الست أجمل وأعمق كتاب عنها!