الأربعاء 22 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مكانة المسيح والعذراء فى قلوب المصريين

مكانة المسيح والعذراء فى قلوب المصريين

لا يختلف إثنان على المكانة الرفيعة التى يحظى بها عيسى عليه السلام، وأمه مريم البتول، فى عقول ووجدان المصريين خاصة والمسلمين عامة، ولما لا، وسيدنا عيسى عليه السلام نبى الله ورسوله، وصاحب رسالة سماوية للعالم أجمع، وأحد الرسل من أولى العزم، وصاحب البشارة برسول الله صلى الله عليه وسلم ليكون خاتم الأنبياء والمرسلين، كما أن والدته السيدة مريم العذراء طهرها الله واصطفاها على نساء العالمين، والمرأة الوحيدة التى كرمها الله وذكرها فى القرآن، بل وأنزل سورة باسمها «سورة مريم»، وكرم عائلتها بسورة «آل عمران» الذين اصطفاهم الله على العالمين، ذرية بعضها من بعض.



توطدت علاقة الحب بين المصريين للسيدة مريم لدرجة تشعرك بأنها مصرية المولد، وليست من فلسطين، حيث اختارت السيدة مريم العذراء مصر لتمنحها وشعبها البركة، عندما حملت طفلها الرضيع ولاذت بالفرار من اضطهاد البيزنطيين، ومن جبروت ملك اليهود «هيردوس» الذى أمر بذبح كل طفل يبلغ من العمر أقل من عامين، خوفًا على عرشه من النبوءات التوراتية التى أكدت أن ملكا سيولد فى بيت لحم، لتجد السيدة مريم فى مصر الملاذ الآمن خلال رحلتها التى استغرقت نحو 3 سنوات و11 شهرا، استقبلها المصريون بالحفاوة البالغة، فحلت البركة على أرض مصر وشعبها.

وانطلاقًا من هذا المعتقد الإيمانى الراسخ فى وجدان جميع المصريين، لا تتوقف المشاهد المبهجة التى تعكس روحة المحبة والتآخى بين الأشقاء داخل حدود الوطن وخارجه، حيث يتبادل المسلمون التهانى بميلاد نبى الله عيسى عليه السلام، ويتسابقون مع إخوانهم المسيحيين على الاحتفال بأعياد الميلاد، بتوزيع الورود والهدايا، وتعليق الزينات على شرفات المنازل، وشجرة الكريسماس، مثلما يتسابق المسيحيون مع إخوانهم المسلمين للاحتفال بالمولد النبوى الشريف بتوزيع الحلوى والعصائر.

مع نسمات أعياد الميلاد، ينتظر المصريون بشغف شديد، حضور الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى قداس عيد الميلاد لتهنئة الأخوة المسيحيين، بعدما جعل الرئيس من تلك المناسبة تقليدا سنويا، يحرص عليه منذ يناير 2015، وهى سابقة تاريخية، لم يسبق لرئيس جمهورية أن شارك فى قداس عيد الميلاد، فضلا عن افتتاحه كاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة عام 2019، لتكون أكبر كنيسة بالشرق الأوسط، كما يتوافد على المقر الباباوى قيادات ومشايخ الأزهر الشريف ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف لتقديم التهانى بعيد الميلاد.

مصر منذ تولى الرئيس السيسى عام 2014، شهدت تغييرا للواقع فى جميع المجالات، حتى أصبحت نموذجًا فريدًا وملهمًا لكل دول العالم فى التنمية وتوفير حياة كريمة لكل المواطنين، وترسيخ مبادئ المواطنة والتسامح والوحدة الوطنية بين أشقاء الوطن، تتحطم على صخرتها مؤامرات الأعداء، وكل من يحاول العبث بوحدة الأمة وتماسكها.

ما تشهده مصر من تآخٍ وترابط إنسانى بين المسلمين والمسيحيين، لم يأت صدفة، بل هى طيبة الشعب المصرى، ونتاج جهود مكثفة من الأزهر الشريف والكنيسة الأرثوذكسية، فعلى مدار قرن من الزمان، كان الهدف الأسمى، لأكبر مؤسستين دينيتين فى العالم، هو الحفاظ على وحدة نسيج الأمة ونهضة الوطن، من خلال نشر القيم والأخلاق، ورفع وعى المواطنين، والتصدى للأفكار المتطرفة والممارسة المسيئة التى لا يقبلها الدين.

كما كان لأصحاب العمامات البيضاء والسوداء دور كبير فى الحفاظ على الهوية المصرية وتنمية الروح الوطنية، وحث المواطنين للوقوف على قلب رجل واحد فى مواجهة الاحتلال الانجليزى، حيث احتضن الأزهر قساوسة الكنيسة، والتف شيوخ الأزهر والقساوسة والرهبان وجميع المصريين حول هتاف واحد «عاش الهلال مع الصليب.. الدين لله والوطن للجميع».

إذا كانت محاولات الإنجليز لم تفلح للبقاء فى مصر بدعوى حماية الأقباط، فلم تفلح أيضًا مخططات جماعة الإخوان الإرهابية ترهيب الأخوة المسيحيين بحرق الكنائس، وعندها قال البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية: «وطن بلا كنائس أفضل كثيرًا من كنائب بلا وطن».