الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
مقهى إحسان عبدالقدوس

مقهى إحسان عبدالقدوس

منذ صدور العدد الأول من مجلة «أكتوبر» صباح يوم 31 أكتوبر سنة 1976 التى كان الرئيس السادات رحمه الله صاحب فكرتها إصدارها، وكلف الأستاذ الكبير أنيس منصور برئاسة تحريرها، وطلب منه أن يحشد لها كبار الأقلام الصحفية فى مصر.. بل إن السادات نفسه اختص أكتوبر بنشر أوراق من ذكرياته، كما انفرد أنيس منصور بنشر مذكرات السيدة «سوزان طه حسين» أرملة عميد الأدب العربى وعنوانها «معك».



أما المفاجأة التى لم يتوقعها أحد أنه نجح فى إقناع الأستاذ الكبير إحسان عبدالقدوس بالكتابة المنتظمة كل أسبوع، واختار الأستاذ إحسان أن يكتب تحت عنوان «على مقهى فى الشارع السياسى»، قام أنيس منصور بعد ذلك بإصدار مقالات إحسان فى كتاب حمل نفسه عنوان بابه، وكان ذلك عام 1979.

مقدمة إحسان رائعة ومهمة وتكشف تفاصيل ما جرى فى تلك الأيام وكواليس الصحافة فقد كتب يقول:

«فى أوائل عام 1976 طلب منى الصديق والزميل أنيس منصور أن أكتب لمجلة أكتوبر، وترددت.. وعاد الصديق «نجيب محفوظ» يلح علىّ أيضا أن أكتب لمجلة أكتوبر واستمر ترددي، وكان التردد لأنى كنت أمر بظروف سياسية أحاطت بى وأبعدتنى عن أصدقائى السياسيين وهى نفس الظروف التى أحاطت بى فى أوائل أعوام الثورة -عام 1954- وأيامها وضعنى أصدقائى السياسيون فى السجن الحربى، ولكن فى هذه المرة اكتفى أصدقائى بإبعادى عنهم أو الابتعاد عنى!

فما هى حدود النشر التى يمكن أن تتاح لى وأنا أعيش هذه الظروف؟! إنى عندما أكتب فأنى لا أستطيع أن أتقيد بحدود، وكل المصائب التى عانيتها وتحملتها وقعت فوق رأسى، لأن هذا القلم لا يستطيع أن يقيد نفسه بحدود تفرض عليه، إنه كالطفل المدلل الذى يصر على أن يفرض إرادته على الكبار لأنه لا يراهم كبارًا!! أو كالشباب المغرور الذى يحجب عنه غروره دقائق هعلم توازن القوى السياسية، فينطلق دون أن يقدر بعلم الحساب أن انطلاقه يحتسب فى موازين القوى السياسية على أنه تحد، أو ربما لأنه قلم يعيش لمجرد المتعة الكبرى: متعة الحرية، فإذا حرم نشر حريته أمام الناس اكتفى بأن يتمتع بها بينه وبين نفسه أى أن يكتب ويحتفظ بما يكتبه فى أدراجه!

ويمضى الأستاذ إحسان عبدالقدوس قائلًا: فى مقدمته، وكنت أيامها أكتب ولا أنشر فإنى لا أستطيع أن أتوقف عن الكتابة حتى لو حرمت النشر! ولم يكن أحد قد حرمنى، ولكنى كنت قد حرمت نفسى تحت ضغط الظروف التى أمر بها حرصًا على ألا أحرج أى رئيس تحرير مسئول عن النشر إذا وجد فيما أقدمه إحراجًا له!

وأنا لا أريد أن أحرج «أنيس منصور» المسئول عن النشر فى مجلة أكتوبر، كما لم أكن أريد إحراج الصديق والزميل المرحوم «يوسف السباعى» الذى كان مسئولًا عن النشر فى الأهرام وكنت منسوبا إليه، لذلك امتنعت عن النشر فى أكتوبر وفى الأهرام!

ومضت شهور طويلة.. وإذا كان الأصدقاء يلحون علىّ كى أنشر فقد كنت ألح على نفسى أيضا، أن الاحتفاظ بما أكتبه فى أدراج مكتبى نوع من الحب الأفلاطونى، والحب الأفلاطونى نوع من التجرد من آدميتك والارتفاع بنفسك إلى السماء.. أن تحكم على نفسك بالحرمان! ومع احترامى وتقديرى لروميو وقيس وبقية أبطال قصص الحب الأفلاطونى فإنى أشفق على نفسى من مصيرهم، أما أن يكتب القلم وينشر فهذا هو الحب المتكامل وإكمال نصف الدين «وأنا فى حاجة إلى استكمال حبى ودينى».

ولمقدمة الأستاذ إحسان بقية وتفاصيل أخرى!