الثلاثاء 30 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
وباء الكتابة والنشر

وباء الكتابة والنشر

أظهر تقرير حركة النشر فى الوطن العربى، والذى أعده اتحاد الناشرين العرب عن العام 2017 عددًا من النتائج الصادمة والتى ربما يشعر بها المثقفون بصورة أو بأخرى نتيجة وجودهم فى هذا المجال ومقارنة هذا العصر بالعصور السابقة وتحديدًا قبل عصر شبكات التواصل الاجتماعى وشبكة الإنترنت.



من أهم ما أشار إليه التقرير، أن الكتب الدينية تصل نسبتها إلى 40% فيما حصلت الروايات على نسبة 20% وكانت كتب الأطفال فى ذيل القائمة بنحو 5% وكانت النسبة المتبقية 35%- موزعة بين باقى المجالات المختلفة.

 يشير التقرير أيضا إلى التأثير السلبى للدعاية عن الكتب الجديدة من خلال شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة بصورة مدروسة تقوم بها أحيانا شركات ووكالات وأفراد متخصصون أدى إلى انتشار مجموعة كبيرة من الإصدارات ذات الجودة المنخفضة، وأزيد بأن أقول: إن التركيز على عنوان الكتاب وتصميم الغلاف قد أسهما بدرجة كبيرة فى الترويج لذلك.

من الخدع الأخرى أن يتم الدخول على مواقع تقييم الكتب مثل موقع جودريدز Goodreads من خلال الكاتب ومجموعة من أصدقائه ومجامليه فيقومون بإعطاء الكتاب تقييمًا مرتفعًا مع وضع تعليقات تمتلئ بالكثير من المدح الكاذب عنه وهو أمر نراه كثيرًا فى العديد من المواقع الإلكترونية الخاصة ببيع سلع مختلفة بداية من دبابيس الورق مرورًا بالعطور وصولًا إلى الهواتف الذكية والمستلزمات المنزلية المختلفة.

يظهر تقرير آخر صادر عن الفترة من 2015 إلى 2019 مدى الزيادة فى أعداد الكتب الصادرة فى أغلب الدول العربية بإجمالى 54 ألف كتاب عام 2015، وصولا إلى 70 ألف كتاب عام 2019 كان نصيب مصر منها 23 ألف كتاب بنسبة مئوية تصل إلى حوالى ثلث إنتاج الدول العربية كلها.

وبالرغم من تراجع معدلات القراءة عالميًا مفسحة المجال إلى شبكات التواصل الاجتماعى والكتب الرقمية والكتب المسروقة المحولة إلى الصيغة PDF إلا أن البعض يرى أن زيادة أعداد المنشور سنويًا تعتبر أحد المؤشرات الجيدة الكاشفة لتنامى الحراك الثقافى وإتاحة الفرصة أمام اكتشاف المبدعين فى هذا المجال وهم يذكروننى بموجة أفلام المقاولات التى اجتاحت سوق السينما والفيديو فى ثمانينيات القرن الماضى بلا أى محتوى هادف أو جودة عالية.

هذا الأمر اصطدم به كثيرًا، فأحيانًا أقوم بشراء بعض من تلك الروايات الجديدة فلا أجد تراكيب لغوية مميزة ويصل الأمر أحيانا بالكاتب إلى العجز عن إيصال فكرته والاستعراض بتعبيرات مستهلكة طمعًا فى إضفاء جو من العمق والبلاغة، ناهيك عن قيمة الرواية الأدبية أو امتلاك كاتبها لمفردات الأدب وأحيانًا أخرى نجد أن الخطوط الدرامية الموجودة بالرواية فى غاية الاهتراء وضعف الترابط أو عدم استمرار الرواية بنفس معدلات السرعة والتفصيل فى أجزائها المختلفة.

أما عن الكتاب العلمى فحدث ولا حرج، ففى الكثير من تلك الكتب البراقة فى تصميم أغلفتها واختيار عناوينها إلا أن المادة العلمية تنم عن ضعف مستوى الكاتب وعدم إلمامه بالموضوع الإلمام المطلوب، وللأسف فإن وباء الكتابة وحمى النشر ستؤدى إلى انخفاض المستوى الثقافى والعلمى للقراء كما ستجعل الكتاب الجيد يضيع وسط هذا الطوفان غير المنضبط.