الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
تاريخ جديد للصعيد

تاريخ جديد للصعيد

ظل الصعيد آلاف السنين مركزا لحكم أعظم ملوك الكون، ومنارة للعلم والحضارة والحكمة والإبداع، وعلى ضفاف نيله الخالد تأسست أول حضارة فى تاريخ الإنسانية، حضارة رائدة أذهلت العالم بكنوزها وفنونها وبراعة هندسة مبانيها، حضارة ستظل باقية ما بقيت الإنسانية ونباهى بها الدنيا، وثقتها سجلات أجدادنا الفراعنة على أوراق البردى وجدران المعابد وأعمدة المسلات، وعلى أرضه عرفت أول ديانة للتوحيد، والإيمان بالله الواحد خالق الكون كله، كما باركها عدد من الأنبياء والرسل وأولياء الله الصالحين.



بعد مرور قرون طويلة على عصور الإمبراطورية الفرعونية الخالدة التى لا تغيب عنها الشمس، تبدلت الأحوال، ولم يعد الصعيد كما كان، فقد صار مثل أقاليم الجنوب بكل بلدان العالم، بما فيها دول النصف الشمالى من كوكب الأرض، فجميعها يعانى الفقر والإهمال والتهميش، نتيجة غياب العدالة الاجتماعية، وإصرار الحكومات المتعاقبة على التمييز فى التنمية بين الشمال والجنوب، رغم أن أقاليم الجنوب غنية بالثروات الطبيعية.

الوثائق تؤكد أن الصعيد عبر تاريخه الممتد، عاش قرونا طويلة بعيدا عن سيطرة الدولة المركزية، حيث اعتمد فى حكمه على النظام القبلى، الذى يرتكز على الأعراف والتقاليد القبلية، بعيدا عن أحكام القانون وسلطة الدولة المركزية، فكان العقاب نهب ثرواته وخيراته، وحرمانه من خدمات مياه الشرب والصرف الصحى والطرق والكهرباء، والتعليم والصحة، وانعدام فرص العمل، فتحول الصعيد إلى بيئة طاردة للسكان، ومكان للعقاب، وملاذ للجماعات المتطرفة والهاربين من العدالة، ما اضطر أبناء الجنوب للهجرة إلى عواصم محافظات القاهرة والدلتا، ولدول الخليج، هروبا من الواقع الصعب، وبحثا عن لقمة العيش، وحياة أفضل يحقق فيها البسطاء أحلامهم فى البقاء على قيد الحياة.

تفاقمت أزمة الصعيد، وتزايدت معدلات الفقر والجهل والمرض، وخضع الوادى الضيق لحصار الدولة والطبيعة الجبلية، فتنبه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر «ابن محافظة أسيوط» لخطورة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، حاول أن يسابق الزمن لتنفيذ عدة مشروعات تنموية لإنقاذ الجنوب، ولكنها لم تكن كافية لتحقيق حياة كريمة لأبناء الصعيد، حيث قام بتوزيع أراضى الإصلاح الزراعى على صغار الفلاحين، وبناء السد العالى، ومجمع مصانع الألومنيوم بنجع حمادى، ومصنع السكر بقنا، ومصنع كيما للأسمدة.

الحكومات المتتالية استمرت فى إهمالها وتهميشها للصعيد، ولم تفلح معه جميع المسكنات، ليستمر الوجه القبلى فى معاناته، وتستغل الجماعات الإرهابية تلك الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وتتدخل لملء هذا الفراغ، والقيام بدور الحكومة، بتنفيذ مخططها الشيطانى، من خلال الجمعيات الخيرية لتوزيع  الشنط الغذائية والمرتبات الشهرية للفقراء، وخصوصا فى محافظات سوهاج وأسيوط والمنيا وبنى سويف والفيوم.

على مدار 7 سنوات، اقتحم الرئيس عبدالفتاح السيسى جميع الملفات الصعبة، لإعادة بناء الدولة المصرية، من خلال المشروعات القومية الكبرى التى غطت كل شبر على أرض مصر، وتصدر ملف العدالة الاجتماعية أولويات الرئيس ورد الاعتبار للصعيد وإنهاء عصر التهميش، وتوفير حياة كريمة تليق بأبناء الشعب المصرى.

المؤتمر الوطنى الثانى للشباب الذى عقد بأسوان عام 2017، كان نقطة تحول كبيرة فى كتابة تاريخ جديد للصعيد، حيث لخص الرئيس عبد الفتاح السيسى مشاكل الصعيد، والحلول الناجزة لها، عندما قال فى كلمته أمام المؤتمر :» أهل الصعيد الأوفياء الصابرين الصامدين، الذين يثبتون على مدار الأزمنة والحقب المتعاقبة، بأنهم حراس أمتنا وخلفا لخير سلف، فهم الذين شبوا على ضفاف النيل، واكتست بشرتهم بلون الشمس، وتشربت أرواحهم بعظمة الأجداد، ولحظت عيونهم آثار الحضارة الأولى فى المعابد التى صنعت من صخور الصعيد الصلبة كأهلها».

«إننى على يقين كامل بأنكم لم تحصلوا على ما تستحقونه، وأدرك إدراكا عميقا حجم معاناتكم على مدار عقود من مشكلات متراكمة طالت جميع مناحى الحياة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، وأقدر حجم تضحياتكم وصمودكم أمام هذه المعاناة، ولأننا شرعنا سويا، دولة وشعبا فى المضى قدما نحو إعادة بناء الدولة المصرية الحديثة، فكان لزاما علينا أن يكون الصعيد وشبابه على رأس أجندة العمل الوطنى فى هذه المرحلة».

كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى كانت كلمة السر، لتغيير وجه الحياة على أرض الصعيد، لتعويض أبناء الجنوب عن الأوضاع الصعبة التى عاشوها على مدار القرون الماضية، وليستعيد الصعيد تاريخه وأمجاده، فعلى مدار 7 سنوات، تمت إقامة مشروعات قومية وتنموية سطرت تاريخا جديدا فى الصعيد، فالإنجازات التى يشهدها هذا الجزء من أرض الوطن تجاوزت مرحلة الإعجاز، بهدف الارتقاء وتحسين مستوى حياة المواطنين، حيث تم ضخ تريليون و100 مليار جنيه لتنمية الصعيد، حيث تم تنفيذ 8100 مشروع ضمن مبادرة حياة كريمة، فى قرى ونجوع محافظات الصعيد لتحقيق العدالة الاجتماعية، والاهتمام بالفقراء ومحدودى الدخل ليعيش جميع المواطنين حياة كريمة.

زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى للصعيد، والتى استمرت أسبوعا، لافتتاح عدد من المشروعات القومية الكبرى، جسدت رسالة مهمة لأبناء الصعيد، بأن الصعيد سيشهد عصرا جديدا فى ظل الجمهورية الجديدة.