الأحد 30 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أنيس منصور يطمئن إحسان عبدالقدوس!

أنيس منصور يطمئن إحسان عبدالقدوس!

وقرر الأستاذ الكبير إحسان عبدالقدوس أن يحسم تردده فى الكتابة لمجلة أكتوبر، بعد أن ازداد الإلحاح عليه من الأستاذ أنيس منصور رئيس التحرير والأستاذ نجيب محفوظ صديقه وزميله فى الأهرام.



ويمضى إحسان عبدالقدوس فى مقدمة كتابه «على مقهى فى الشارع السياسى» فيقول: «تعودت كلما أحاطت بى مثل هذه الظروف السياسية التى كنت أعيشها أن أهرب من الكتابة السياسية المباشرة إلى كتابة القصة، فالقصة ترتفع بك فوق التقيد بالواقع والارتباط بالأحداث وحساب الأشخاص، القصة تطلق حريتك كاملة فى التصور والتقدير وفى الرسم الخيالى حتى لو رسمت بخيالك التاريخ نفسه!

وفى الوقت نفسه تطلق حريتك حتى آخرها فى إبداء رأيك حتى لو كان سياسيًا، أو حتى لو كان رأيًا تعنى به أحد الأشخاص وهو رأى يبقى دائمًا منسوبًا إلى أبطال القصة لا إلى الكاتب وهو ما انتهى إلى انتشار ما يسمى بالقصة الرمزية!

كنت أهرب إلى كتابة القصة لأننى أمتع نفسى فيها بحريات أوسع.. وبرغم أن قصصى عرضتنى لحملات كثيرة, فإنها كانت دائمًا أرحم بى مما تعرضت له بسبب مقالاتى السياسية أو حملاتى الصحفية المباشرة!

وكنت فى هذه الشهور ـ أوائل عام 1976 ـ قد انتهيت فعلًا من كتابة مجموعة كبيرة من القصص، فهل أنشرها فى مجلة «أكتوبر»؟. لا أظن! فأننى فى حاجة إلى هذه القصص لأنشرها فى الأهرام، لأننى أعلم أن أقصى ما يمكن أن يتحمله الأهرام منى هو نشر القصص! ولن أستطيع فى الأهرام مع تحفظه السياسى المعروف أن أطلق حريتى فى نشر المقال السياسى مادمت لم أعد أنا المسئول عن النشر، ثم أن الزميل «نجيب محفوظ» تعهد وأعلن عن نشر قصة مسلسلة فى مجلة أكتوبر فهى ليست فى حاجة إلى قصص أخرى!

فماذا أكتب وأنشر وأنا فرح ومستسلم لإلحاح «أنيس منصور» وإلحاح «نجيب محفوظ» وإلحاحى على نفسى؟

وهدانى تفكيرى وخيالى إلى «مقهى فى الشارع السياسى»!

وكنت أنا الذى وضعت تعبير الشارع السياسى منذ كنت أكتب وأنشر فى «أخبار اليوم».. فلماذا لا أقيم مقهى فى هذا الشارع.. واختار له «الزبائن» وأتركهم يتكلمون فى السياسة كلام مقاه «كلام شوارع» منتهى الحرية!.

لماذا أتردد؟ ولينشر أنيس منصور.. فإذا لم ينشر فتكفينى متعتى بالحب الأفلاطونى.

ولكن ما هذا الذى أكتبه؟! هل هو قصة؟ هل هو مسرحية؟ هل هو مقال؟ هل هو خبث سياسى يطلق الرأى على ألسنة شخصيات مجهولة بدل أن يطلقه فى منشورات سرية!

لا أدرى! كل ما أدريه هو أنى اكتب كلامًا.. أو ما يسمى فى علم الأدب حوارًا!

وقبل أن يقرأ «أنيس منصور» أول ورقة كتبها قلت له:

أنه هو المسئول عن النشر، ولن أغضب إذا لم ينشر ولكنى لن أرى وجهه مرة أخرى إذا بدل أو حذف كلمة واحدة مما أكتبه.. ولن أقبل فى ذلك عذرًا!

قلت له ذلك وأنا أشفق عليه من مسئولية نشر هذا الكلام الذى أكتبه.

وابتسم أنيس منصور ابتسامته الذكية وهو يطمئنى ويتعجلنى!

وبدأ النشر.. كل ما أكتبه ينشر فى أكتوبر، لم تبدل أو تحذف كلمة واحدة ولم يراجعنى أحد فى سطر واحد!

أنا نفسى دهُشت، كنت أكتب وأنا لا أصدق أن كل هذا يمكن أن ينشر.

أنها فعلا الحرية.. حرية الرأى ونشر الرأى!

لقد بدأ إحسان فى نشر أول مقالاته فى أكتوبر سنة 1976 وكان آخر مقال يضمه الجزء الأول من كتابه فى أكتوبر 1977 أى طوال عامين. وفى هذه المقالات اختار إحسان الذى وصف نفسه بالعجوز أن يحاور شابًا على مقهاه!

وللمقدمة والحكاية بقية!!