
عصام عبد الجواد
المعتقدات الخاطئة
البشر كل البشر لهم اعتقاد خاص فى الأشياء قد يتفقون عليها وقد يختلفون ولكنهم فى النهاية يعتقدون أن اعتقادهم هذا هو الصحيح ويجمعون من وراء ذلك الأدلة والبراهين التى تؤيدهم فى اعتقادهم حتى يصدقوا أنفسهم ويقنعوها بأفعالهم وحركاتهم وقد يسير الاعتقاد فى الطريق السليم إذا استخدم الإنسان فيه الطريق العلمى الصحيح وهو المتعارف عليه خاصة أننا فى القرن الواحد والعشرين، ولكن أن يتدهور بنا الحال في الاعتقاد فيما اعتقد فيه السابقون منذ آلاف السنين فإن هذا يعنى التخلف والرجعية.
لقد اعتقد الفراعنة أنه لا سبيل لتقدمهم إلا بالعمل والعلم حتى يصلوا إلى تلك الحضارة فأصبحوا من أكثر الشعوب تقدمًا فى جميع المجالات بعد أن اعتمدوا على أنفسهم فى بناء الأهرامات والمعابد وأبى الهول ولم يعتمدوا على الجن والعفاريت ولا على الخرافات حتى التمائم التى كانوا يضعونها لم يضعوها ليشفوا بها المرضى أو لتجلب لهم الحظ والسعادة كما يحدث الآن.
فالأوساط الشعبية فى بلادنا العربية تتواصل فى معتقداتها بالجن والعفاريت وكل الخرافات لتصل إلى درجة عالية من الإيمان بها والدليل على ذلك المسح الميدانى الذى قام به المركز القومى للبحوث الاجتماعية منذ عدة سنوات عن الخرافة فى مصر تحت عنوان «الاتجاهات نحو الخرافة» والذى تم إجراؤه على 2102 فرد أثبت أن فى مصر من يؤمن بـ274 خرافة متنوعة، وأكدت أن المؤمنين بالخرافات بين القطاعات التعليمية العليا أعلى من المتوقع وأغلب الظن أن مرجع ذلك إلى الخرافات وهو يعبر عن موقف محدد وقالت الدراسة إن المرأة تعتقد كثيرًا فى الخرافات رغم تطور مكانتها الاجتماعية، وذلك يرجع إلى الشد والجذب بين آفاق جديدة يفتحها لها علمها وعملها ونشاطها من ناحية وبين أوضاع قديمة مازالت تحكمها التقاليد والظروف القديمة التى تناسب المرأة الحديثة، والنظرة الرجعية لبعض فئات المجتمع التى تشدها إلى الوراء وتعرضها إلى كثير من الصعاب والمشكلات والحرج نتيجة لما يصدر عن بعض الرجعيين من الرجال الذين لا يقبلون الوضع الجديد.
وبذلك أصبحت المرأة فى حيرة وتردد يؤديان - إلى إيمانها بمجموعة من أفكار الجهل طالما أن أحدًا لا يساعدها على تجاوز الماضى هذه هى أوضاع الجهل والخرافة فى مصر وهى أوضاع تنذر بالخطورة المؤكدة.
فرغم التطور العلمى المذهل الذى وصل إليه الإنسان على كوكب الأرض ورغم التقدم الذى تعيشه مصر فى جميع المجالات إلا أن قطاعا عريضا من المجتمع المصرى ما زال يعيش فى الماضى السحيق، وما زال يعتقد فى الخرافات القديمة وأصبح هناك من الدجالين والمشعوذين الذين يستطيعون إقناع المثقفين بقدرتهم على تحقيق أحلامهم وطموحاتهم من خلال أعمال الدجل والشعوذة التى تغلغلت فى العديد من طبقات المجتمع والتى استطاع المشعوذون أن يطوروا أنفسهم باستخدام الأساليب الحديثة باستخدام النت ووسائل التواصل الاجتماعى للوصول لأكبر قدر ممكن من المريدين لدرجة أن أصبح هناك جروبات خاصة لهؤلاء بها الآلاف من المتابعين الذين يصدقون هؤلاء الدجالين والمشعوذين.
وبدلًا من أن يكون التطور فى استخدام وسائل التواصل الاجتماعى وسيلة لكشف هؤلاء النصابين أصبح وسيلة لإقناع أكبر قدر من المريدين والأتباع.
الدجل والشعوذة والاعتقاد الخاطئ لا يتوقف أبدًا عند طبقة معينة أو طبقة متعلمة أو مثقفة، طالما وجد من يؤمن به ويسير على نهجه معتقدًا أنه يحقق أحلامه وطموحاته الضائعة.