الإثنين 1 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أمير الشعراء.. وليلى مراد!

أمير الشعراء.. وليلى مراد!

فى حياة كل إنسان صدفة أو مصادفة قد تلعب دورًا مهمًا وعظيمًا فى حياته، وهو ما يحدث أيضا مع أهل الفن والغناء وتحضرنى هنا حكاية «ليلى مراد» قصة طريفة وصدفة أغرب رواها الكاتب الكبير الأستاذ كمال النجمى، أحد ألمع رؤساء تحرير مجلة الكواكب والناقد الفنى اللامع ورواها فى كتابه الممتع «تراث الغناء العربى بين الموصلى وزرياب وأم كلثوم وعبدالوهاب» والحكاية بدأها الأستاذ النجمى بقوله: في أواخر العشرينيات من القرن الماضى كان المطرب زكى مراد قد استنفد طاقة صوته وقلبه وأعصابه فى منافسة زملائه أصحاب الطريقة التقليدية في الغناء، وكان هؤلاء أنفسهم قد انكمشوا فى ركن ضيق من فن الغناء المصرى، بعد أن رفع عبدالوهاب وأم كلثوم راية الطريقة الجديدة فى الغناء، والتف المستمعون حول هذه الراية الخفاقة!



وأسهمت محطات الإذاعة الأهلية حينذاك في ترويج هذه الطريقة الجديدة فى الغناء، بعد أن مهدت لها طويلًا شركات الأسطوانات، وفي مقدمتها شركتا «بيضافون» و«أوديون» اللتان كانتا تطبعان وتوزعان أسطوانات عبدالوهاب وأم كلثوم.

ويروى الأستاذ كمال النجمى أن زكى مراد حاول أن يجعل من ولده الشاب الصغير منير خليفة له فى الغناء، لكنه لم ينجح رغم أنه كان بارعًا في عزف العود.. وموهوبا فى التلحين ثم يضيف النجمى قائلًا: لكن القدر كان يخبئ للمطرب العجوز الحائر زكى مراد مفاجأة سارة استمع إلى ابنته ليلى، وهى تغنى مرة بعد مرة ما حفظته من أغانى أم كلثوم، فأدرك بخبرته الطويلة أن ابنته هذه تستطيع أن تصنع شيئا فى مجال الغناء الجديد، وأن تقتحم الإذاعة الأهلية و«تسجل» صوتها فى أسطوانات!

هكذا بدأت ليلى مراد تحترف الغناء ولكن «علية القوم» لم يعرفوها، إلا بعد أن أقام لها والدها حفلًا غنائيًا فى أحد مسارح القاهرة فى بداية سنة 1932وكان والدها صديقا لأمير الشعراء أحمد شوقى فأعانه أمير الشعراء ماديا وأدبيا على إقامة هذا الحفل، وحضره بنفسه وفى صحبته صديقه الصغير المطرب الكبير محمد عبدالوهاب ودعا إلى حضوره أصدقاءه من الباشوات والبكوات، وكان حفلا ناجحا خرجت منه ليلى مراد مطربة يعرفها كبار «السميعة» فى القاهرة، فضلا عن أنها صارت موضع التفات الموسيقار عبدالوهاب مطرب الملوك والأمراء!

وفى عام 1934 أقامت الحكومة محطة الإذاعة اللاسلكية ففتحت بابا واسعا للمطربات، وعرف المستمعون اسم «ليلى مراد» على نطاق المملكة المصرية كلها، بعد أن كاد نطاق الإذاعات الأهلية لا يتعدى الإسكندرية والقاهرة وضواحيها، وكانت أجهزة الراديو معدودة ثم صارت عشرات الألوف فى كل مكان.

وتوالت التطورات فبعد انتشار الراديو من الإسكندرية إلى أقاصى الصعيد دخلت مصر عصر السينما الناطقة، فظهر فيلم «أنشودة الفؤاد» للمطربة «نادرة»، ثم ظهر أول فيلم غنائي لمحمد عبدالوهاب سنة 1934، وهو فيلم «الوردة البيضاء»، فهز المجتمع المصرى هزا وقفزت الأفلام الغنائية الى المقدمة فصارت أنجح أنواع الأفلام حتى لقد تحركت منيرة المهدية سلطانة الطرب المتقاعدة وأنتجت فيلم «الغندورة»، ولكن لم ينجح ولعله كان الفيلم الغنائى الوحيد الذي فشل فى ذلك العصر الزاخر بالأفلام الغنائية الناجحة!

ولما أنتج ستديو مصر فيلم «وداد» لأم كلثوم سنة 1934 شعر عبدالوهاب أنه يحتاج إلى تدعيم أفلامه لمواجهة منافسة أم كلثوم، فأسند بطولة فيلمه الثانى «دموع الحب» سنة 1935 الى أشهر مطربة بعد أم كلثوم حينذاك، وهى «نجاة على» ونجح الفيلم بصوت عبدالوهاب و«نجاة على» معًا! وفى سنة 1936 شرع عبدالوهاب يستعد لإنتاج فيلمه الثالث «يحيا الحب»، فكان لابد له من مطربة تشاركه بطولة الفيلم، واختار ليلى مراد التى عرفها مع أمير الشعراء منذ أربع سنوات ولم يجد أحسن منها شكلًا وموضوعًا لتحقيق النجاح المنشودة.

لكن والد ليلى مراد كان متوجسًا من الفكرة والمشروع!!

وللحكاية الممتعة بقية..