الأحد 30 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
ليلى مراد ملكة الأغنية السينمائية!

ليلى مراد ملكة الأغنية السينمائية!

فوجئ الأستاذ «زكى مراد» باختيار الموسيقار الكبير «محمد عبدالوهاب» بأن تكون «ليلى مراد» ابنته هى بطلة فيلمه الجديد «يحيا الحب»، وتوجس «زكى مراد» من عبدالوهاب!



وفى كتابه البديع «تراث الغناء العربى» يروى الأستاذ كمال النجمى أسباب هذا التوجس ثم عدوله عنه، ولتمثل ليلى مراد بعد ذلك 28 فيلمًا من أجمل أفلام السينما المصرية!

يقول الأستاذ «كمال النجمى»: توجس «زكى مراد» خيفة من عبدالوهاب وقال لابنته: أخشى أن يصنع بك - عبدالوهاب - ما صنعه بمنيرة المهدية منذ عشر سنوات حين لحن لها إحدى مسرحياتها وشاركها الغناء فيها وكان يومئذ مطربًا جديدًا أو ناشئًا!!

وسألته ليلى: وماذ صنع «عبدالوهاب» بمنيرة؟

أجاب زكى مراد: لحن لنفسه نغمات مديدة مرتفعة، ولحن لمنيرة نغمات قصيرة منخفضة، فسمعه المتفرجون فى المسرح ولم يسمعوا «منيرة» حتى قالوا: إن صوت هذا المطرب الجديد أقوى وأجمل من صوت منيرة! «ولم يكن صوت عبدالوهاب» أقوى من صوت «منيرة» بأى حال، ولكنه احتال حتى جعلها تغنى بصوت خافت!

ضحكت ليلى مراد وقالت لوالدها: يا أبى.. فى السينما يغنى المطرب أو المطربة فى الميكروفون، فلا مجال لخفض هذا الصوت ورفع ذاك لأن هذا جهد ضائع والميكروفون يتولى توصيل جميع الأصوات إلى المتفرجين!

وهذا ما كان.. فقد استخدم عبدالوهاب أعلى طبقات صوت ليلى مراد فى فيلم يحيا الحب، كان ظهور ليلى مراد فى يحيا الحب بداية رحلة سينمائية طويلة بدأتها سنة 1936، ولم تنته إلا بعد عشرين عامًا تقريبًا ظهرت خلالها ليلى مراد فى أشهر الأفلام الغنائية، ومنها أفلام ضربت الرقم القياسى فى النجاح كفيلم «غزل البنات» سنة 1949 من إنتاج أنور وجدى وعبدالوهاب وقد لحن فيه عبدالوهاب جميع أغانى «ليلى مراد» وأدى فيه بصوت أغنية واحدة «عاشق الروح» بصفته «ضيف شرف» وكان قد اعتزل السينما بعد أن خان الحظ فيلمه «لست ملاكًا» سنة 1947 الذى قاسمته بطولته «نور الهدى»!

وخلال العشرين عامًا التى عاشتها ليلى مراد أو عاشها صوتها على الشاشة الكبيرة تعاظم تأثيرها فى أذواق جماهير السينما وصارت للأغنية السينمائية المصرية مواصفات خاصة كلامًا وتلحينًا وأداءً، واستحقت بجدارة لقب «ملكة الأفلام الغنائية»، أو «ملكة الأغنية السينمائية»، ولم تنافسها مطربة من جيلها إلا فى فترات متقطعة.

ويمضى الأستاذ كمال النجمى فيحلل مشوار ليلى مراد قائلا:

«كانت ليلى مراد حصينة فلم تبعثر جهدها الغنائى كغيرها من المطربات السينمائيات اللاتى حاولن تقليد «أم كلثوم» بإقامة حفلات غنائية على المسرح».

لقد أيقنت ليلى مراد أن ذلك جهدًا ضائعًا بالنسبة إليها، فأخضعت نفسها لضرورات الأغنية السينمائية ومواصفاتها، واستثمرت فى هذا المجال صوتها استثمارًا ناجحًا رابحًا والتزمت منذ بداية ظهورها فى السينما بالأغنية السينمائية دون سواها! ولهذا رفضت الظهور فى مسرحيات غنائية!

إن الغناء على المسرح أمام التخت ساعات طوال - كما كانت تفعل «أم كلثوم» باقتدار لا يتكرر وهو المنزلق الخطير الذى تقع فيه بعض المطربات المتطلعات بغير حق إلى المنظر «الكلثومى» الفخم الرائع فوق مسرح الطرب، ولقد ابتعدت ليلى مراد عن هذا المنزلق المحطم للضلوع والتزمت حدودها كمطربة سينمائية الصوت والأداء، وكرست كل فنها الغنائى للسينما فلم تقف على مسرح الطرب منذ ظهورها فى السينما إلا مرة واحدة فى أوائل الخمسينيات - من القرن الماضى - لأسباب غير فنية أجبرتها على ذلك حينذاك - وغنت فى تلك المرة الواحدة أغنيتها المشهورة «الحب جميل» ولم تنجح - من وجهة نظرنا - لأنها رفعت طبقة صوتها أمام الجمهور على طريقة الحفلات، فاهتزت صورة الأغنية الحاملة التى لا يصح أداؤها إلا بصوت حالم منخفض الطبقة كما حدث فعلا فى موضع الأغنية من فيلم غزل البنات!

لقد أتاحت السينما لليلى مراد غناء عشرات وعشرات من أجمل الأغانى تألق فيها صوتها الوردى الفريد ذو البحة الخفيفة النادرة».

ولا تزال مشاهدة وسماع ليلى مراد متعة لا تنتهى!!