الإثنين 1 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
عزومات التابعى وثوم الحكيم وشطة سليمان نجيب!

عزومات التابعى وثوم الحكيم وشطة سليمان نجيب!

كان كاتبنا الكبير الأستاذ «محمد التابعى» من هواة التصييف فى رأس البر، وكان يمتلك بها عشة صغيرة ـ أى شاليه بلغة هذه الأيام ـ وكانت أشبه بدار ضيافة لأصدقائه من أهل الصحافة والأدب والفن!



وفى هذه العشة دارت حوارات ومناقشات رائعة وكذلك عزومات وأكلات لا تنتهى، تكفى لإطعام نحو عشر أو خمسة عشر من ضيوف التابعى سواء كانوا دائمين أو مؤقتين!!

وعن تلك السهرات وعزوماتها يروى التابعى قائلًا:

كان طاهى العشة الأوسطى «أحمد» يعد طعام الغداء والعشاء للمفطرين، ويعد طعام الإفطار والسحور للصائمين وكان ذلك فى شهر رمضان.

وكان على الطاهى أن يذكر دائمًا ولا ينسى أن يرسل فى الصباح الباكر إلى صديقنا «توفيق الحكيم» وهو لا يزال فى فراش النوم فصين من الثوم النيئ كأن الفصين المشهور يتناولهما على الريق! ويمضغهما جيدًا وهو يتلمظ ويمصمص شفتيه ويقول:

ـ إن فص الثوم على الريق يقى من واحد وأربعين مرضًا منها الروماتيزم وتصلب الشرايين واليرقان وذات الرئة وتجلط الدم إلى آخره!

أما صديقنا «الصاوى» فكان ينصحنا دائمًا بالإقلال من العشاء ويقول: قلل طعامك تحمد منامك!

ثم كان يعزف عن تناول اللحوم فى العشاء ويكتفى بطبق البسطرمة المقلية بالسمن مع خمس أو ست بيضات! وكان يسمى هذا طعامًا خفيفًا يُحمد معه المنام!

هذا وتوفيق الحكيم يهز رأسه ويمصمص شفتيه ويقول همسًا كأنه يناجى نفسه: يا مظلومة يا معدة النعام!

أما سليمان نجيب ـ الفنان الشهير ـ فكان يحضر معه دائمًا من القاهرة برطمانًا مملوءًا بالشطة الحمراء والفلفل المسحوق، وكان طبق الشطة يوضع دائمًا أمامه على المائدة يرش منه على الحساء وعلى الأرز وعلى الملوخية أو البامية أو أى نوع من أنواع الخضروات!

ويأتى الكلام عن سيدة الغناء العربى أم كلثوم التى كانت تقيم فى عشة فى آخر المصيف تجلس أمامها وفى يدها كتاب وعندما يصل إليها التابعى وأصدقاؤه ويجلسون معها فوق الرمال يحكى التابعى ما كان يحدث فيقول:

ـ بعد أن توزع نكاتها علينا بالعدل والقسطاس كانت أحيانًا تسألنى: طابخين إيه النهاردة عندكم؟!

وكنت أحيلها على «سليمان نجيب» لأنه كان الوحيد الذى يهتم بالمطبخ وما يجرى فيه، والوحيد الذى كان يشترك مع الأوسطى أحمد الطاهى فى إعداد قائمة الطعام!

وكانت الأطباق المفضلة عند أم كلثوم هى البط على الطريقة الدمياطية والأوز بالملوخية والرقاق وورق العنب والكوارع واللحم والحمام!

فإذا تصادف أن كان أحد هذه الأطباق فى قائمة طعام اليوم قالت المطربة الذواقة: على الفور: ـ طيب اعملوا حسابى  جاية أتعشى النهاردة معاكم!

وكانت السهرات التى نحضرها ـ وأم كلثوم على رأسها ـ نسخر من الذين يأكلون بشهية.. ونسخر من الذين يأكلون من غير شهية! ونروى القصص أو نتحدث عن الحب والسياسة الداخلية، أو خيرًا من هذا وذاك نتناول سيرة أحد المصطافين أو إحدى المصطافات وغالبًا سيرة الاثنين معًا!

انتهت العزومة التى وصفها التابعى بقلمه الرشيق وما أكثر العزومات الأدبية والصحفية فى حياة الأستاذ التابعى ولو كان قد حرص على روايتها بالتفصيل لكانت أشبه بشىء نادر فى وصف أدب العزومات، لكنه لم يفعل فقد جرفته عزومات ومعارك الصحافة والسياسة!