الثلاثاء 22 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
نساء إحسان لهن أسنان بيضاء!

نساء إحسان لهن أسنان بيضاء!

«النساء لهن أسنان بيضاء» واحدة من أهم وأجمل المجموعات القصصية للكاتب الكبير الأستاذ «إحسان عبدالقدوس» وتضمنت ست قصص قصيرة هى: «فنجال قهوة فوق حلة ملوخية» و«مايوه لبنت الأسطى محمود» و«القط أصله أسد» و«النساء لهن أسنان بيضاء» و«القضية نائمة فى سيارة كاديلاك» و«المؤتمر يصفق لزوزو»!



وحرص إحسان أن يكتب مقدمة مهمة لهذه المجموعة بعنوان  «القصة والتطور» شرح فيها ملابسات وكواليس هذه القصص التى كتبها بعد فترة من وقوع هزيمة سنة 1967 فكتب:

هذه القصص من وحى نظرات سريعة إلى قطاعات كثيرة فى المجتمع.. وهى نظرات تنتهى إلى صور تحرك خيالى وإلى آراء تسيطر على فكرى.. ولكن مجتمعنا يتطور ويتغير بسرعة فالصورة التى نراها اليوم فى المجتمع تختلف عن الصور التى رأيناها أمس وتختلف عن الصور التى نراها غدًا! إن مجتمعنا أسير التطورات الطبقية العنيفة التى تحدث فيه.. وهو أيضا أسير الأحداث الوطنية والسياسية التى تمر به.. والصور الاجتماعية التى تشكلت بعد ثورة 23 يوليو 1952، وتختلف عن الصور التى كانت قائمة قبل الثورة!

ونفس الصور التى تشكلت بعد الثورة تتغير معالمها وتتغير خطوطها بالتغيرات والأحداث الكثيرة التى حققتها الثورة وكل هذه التغيرات والتطورات تغير معها وتطور خيال كاتب القصة!

وبمعنى آخر إن كل قصة تعبر عن حالة اجتماعية معينة عرضة دائما للتطور، وأبرز ما يعبر عنه هذا التطور فى هذه المجموعة من القصص هى قصة «القضية نائمة فى سيارة كاديلاك» وهى قصة أردت أن أرمز بها إلى حالة اجتماعية وسياسية معينة أحاطت بقضية «فلسطين» قبل حرب يونيو 67 وقبل أن يستكمل الكيان الفلسطينى نفسه بتنظيم الحركة الفدائية التى تواجه بها إسرائيل.. فهى قصة ترمز إلى حالة اجتماعية مضت، والبطل فى هذه القصة يرمز إلى الحيرة والضياع الذى كان يعانيه الشباب الفلسطينى فى هذه المرحلة.. والمرأة فى القصة ترمز إلى موقف بعض الدول العربية التى كان الشباب الفلسطينى يلجأ إليها ويخدع بها!

وقد تغير هذا الوضع وتطور.. وقد حاولت بعد أن نشرت هذه القصة لأول مرة أن أمد خطوطها بحيث أحرك أبطالها فى نطاق الوضع الجديد للقضية، بل حاولت أكثر من ذلك، حاولت أن أجعل من هذه القصة مقدمة لفيلم سينمائى يتطور فيه البطل إلى أن يصبح شابًا فدائيا ويجد لنفسه طريق العودة وتتطور المرأة إلى أن تصبح أداة من أدوات الحركة الفدائية، ولكنى عدلت عن هذه المحاولة لسببين:

إن العمل الأدبى يجب أن يبقى كما هو ليمثل المرحلة التى يعبر عنها وكل الأعمال الأدبية تمثل دائما مراحل اجتماعية ووطنية معينة!

السبب الثانى هو أنى فضلت أن أبدأ المرحلة الجديدة التى يمر بها الشعب الفلسطينى بقصة جديدة حتى أكون أصدق وأقوى فى التعبير عن خيالى وأحاسيسى وآرائى وعواطفى، ولذلك فأنى أرجو لكل من يقرأ قصة «القضية نائمة فى سيارة كاديلاك».. أن يقرأها على أنها تمثل مرحلة تاريخية مرت ولحقها التطور والتغيير!

وشىء آخر فإنى كلما كتبت قصة أواجه بآلاف الأسئلة تتلخص فى سؤال واحد: من هو؟ ومن هى؟ والواقع أنى لا أكتب أبدًا قصة عن رجل معين بالذات، أو عن امرأة معينة بالذات ولكنى أكتب دائما عن رجل وامرأة كل منهما يمثل صورة اجتماعية قائمة فعلًا، فواقع القصة ليس فى أشخاصها ولكنه فى المجتمع الذى يحيط بهم وقد يجد عشرات الرجال وعشرات النساء أنفسهم أبطالا وبطلات لقصص، وقد يحس بعضهم وهو يقرأ أنه ينظر إلى مرآة يرى فيها نفسه.. ورغم ذلك فإن كل هؤلاء ليسوا أبطالا ولا بطلات للقصة، ولكن الصورة الاجتماعية التى ترسمها القصة هى التى تثير فيهم هذا الإحساس!

ورغم ذلك فأنا دائما أرحب بالتساؤل من هو؟ ومن هى؟ لأن مجرد التساؤل يعنى أن القصة نجحت فى تصوير مجتمع معين كما هو قائم فعلا.. وهو نجاح يسعد به كل كاتب قصة!

وبعد.. هذه القصص هى آخر ما كتبت حتى اليوم.. ربما كان فيها جديد بالنسبة للقصص التى سبق أن كتبتها!

وكل ما أتمناه هو أن أكتب أكثر.. لعلى أستطيع أن أجدد أكثر فإن أزمتى الحقيقية هى أنى لا أتمنى أبدا أن أكرر نفسى، ولا أن أحتفظ بكيان أدبى واحد.. إنى لن أحتفظ بشبابى الأدبى أبدا إلا إذا استطعت أن أجدد وأن أتقدم، فالشباب هو التقدم نحو الجديد.. ادعوا لى..

توضيح الأستاذ إحسان وثيقة مهمة وكان لابد منه!