
رشاد كامل
هؤلاء علموا سلامة موسى!
«هؤلاء علمونى» واحد من أجمل وأعمق كتب المؤلف والمفكر الكبير الأستاذ «سلامة موسى» والذى يتحدث فيه عشرون اسمًا من نجوم العلم والفكر والفلسفة الذين تعلم منهم أمثال: تولستوى وفولتير وغاندى وبرنارد شو وداروين والشاعر جيته وغيرهم.
كل اسم من هؤلاء تعلم منه سلامة موسى شيئًا مهمًا وهذا الشيء من المفيد أن يتعلمه الإنسان والقارئ العادى ومقدمة الكتاب درس مهم ومحترم لى ولكم إذ يقول:
المؤلف الذى نحبه ليس فقط صديقًا نأتنس بآرائه ونستفيد بأفكارك، إذ هو أكثر من ذلك، هو بهذه الآراء والأفكار يتسلل إلى قلوبنا وعقولنا فيؤثر فى شخصيتنا أو يغيرها، وهو بهذه المثابة نفسى فسيولوجى له دورة حيوية فى وجودنا!
ولكن المؤلف العظيم ليس هو الذى يجعلنا نرى الدنيا بعينيه ونشهد على الناس والأشياء بضميره، وإنما هو الذى يعلمنا الاستقلال وفتح بصيرتنا.
إن كل إنسان كون نفسه ولذلك له الحق فى أن يسأل فى استقلال، وأن يجيب فى استقلال عما يحس وعما يجد، وهؤلاء المؤلفون الذين تخصصوا فى الرؤية والشهادة جديرون بأن نقرأهم ولكن يجب أن نحذرهم وهيهات أن نحذرهم، ذلك لأن لكل كاتب إيحاءاته التى لا طاقة لنا بالتخلص منها، وأحيانا له إيعازاته التى تندس إلى عقولنا من حيث لا ندرى، ولكن علينا فى كل حال أن ننشد الاستقلال!
وقد تأثرت بهؤلاء الكتاب الذين ذكرتهم فى هذا الكتاب وأحببتهم وأعظمتهم ووجدت فيهم النور والتوجيه، ولكنى حاولت الاستقلال، وهذا ما أنصح به القارئ الذى يحب أن ينصت إلى قول أمير الأدب «جيته» إذ يقول: «كن رجلا ولا تتبع خطواتى».
وتحت عنوان «المؤلفون يغيرون الدنيا» يقول سلامة موسى:
الحياة مشروع نضع تخطيطاته منذ نبدأ الوجدان وندرى ما نفعل، أو هى خارطة نأخذ فى رسمها مدة سبعين أو ثمانين سنة، فنحن المسئولون عن إتمام هذا المشروع أو رسم هذه الخارطة، ومع أننا نعرف أن سلطة الأبوين ووسط العائلة وطراز المجتمع الذى نعيش فيه وتراثنا البيولوجي، نعرف أن لكل هذا أثره فى تكويننا وتوجيهنا.
فإن النظر إلى الحياة باعتبارها مشروعًا يخطط أو خارطة ترسم هذا النظر يستحق الاعتبار ويجب أن تكون له مكانة فى الطاقة النفسية لكل إنسان».
ويضيف قائلًا: وكان أكبر جزء فى «مشروع» حياتى أنى احترفت الثقافة فكانت حرفة وهواية معًا، لا أبالى ما فيها من تعب وعرق، وقد بنيت بها شخصيتى وأنضجت بها وجداني، أقرأ من الكتب ما يشع النور فى عقلى ويبعث الشجاعة فى قلبي، فقررت أن أكون متمدنًا ومثقفًا.
ومع أن ثقافتى قد فصلت بينى وبين الكثير من الناس لاختلاف مستويينا، فإنا بسطت لى آفاقا شاسعة من الفرح والأمل والتأمل والعبرة فجعلت حياتى أكثر حيوية، وحبى للطبيعة أعم وأعمق وفهمى للكون أوفى وأنور!
ومع أنى احترفت الأدب والعلم والثقافة فإن هذه جميعها هى عندى حياة كفاح أكثر مما هى حرفة، ولذلك أنا لا أبالى ما يقال عن أسلوب الكتابة ولكنى أبالى بأسلوب الحياة، ولا أعبأ ببلاغة العبارة ولكنى عنى بأن تكون الحياة بليغة، بحيث نحيا متعمقين متوسعين.
ومع أنى ألفت نحو خمسة وثلاثين كتابًا فإن كتابى الأول الذى عنيت بتأليفه هو «حياتي»، هذا المشروع، هذه الخاطرة التى رسمتها والتى أعود إليها من قت لآخر بالمحو والتنقيح والتصحيح، بل أن الكتب التى ألفتها هى فصول من كتابى الأول من حياتى!
ويطرح سلامة موسى هذا السؤال المهم: هذا هو مشروع خارطة حياتي، فما هو مشروعك؟ كيف رسمت كيف ترسم خارطة حياتك أيها القارئ؟!
يا من تقرأنى الآن ما هى إجابتك على سؤال سلامة موسى؟