الأحد 30 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
درس المواطنة أم كلثوم للتافهين!

درس المواطنة أم كلثوم للتافهين!

إذا أردت أن تشتهر هذه الأيام هات أى اسم ناجح ملء السمع والبصر واشتمه وهاجمه بالكذب والتدليس والفبركة!



وهذا ما فعله شخص ما لم يكن يدرى به أحد أو سمع عنه أحد عندما تسلل إلى اتحاد الكتاب وانطلق فى وصلة شتائم وهجوم ضد سيدة الغناء العربى أم كلثوم!

ولو كلف هذا الشخص نفسه وقرأ قليلًا عن مشوار السيدة أم كلثوم الغنائى ودورها الوطنى لسكت تمامًا وبحث عن شىء مفيد يتحفنا به ويحدثنا عنه لكن الجهل النشيط يتكاثر ويتناسل بلا حدود. أم كلثوم كانت تردد دائما «أنا مجرد مواطنة مصرية لم أعمل شيئًا استحق عليه كل هذا النجاح، إن بلدى هو صاحب الفضل الأول فى نجاحى».

وعندما كان الجمهور العربى الذى يحضر حفلاتها فى معظم العواصم العربية يهتف لها فهى تقول بكل بساطة وتواضع: كل هذا الحب لمصر، وكل هذا الهتاف لمصر وليس من أجلى».

لقد توقف الأستاذ الكبير محمود عوض فى كتابه أم كلثوم التى لايعرفها أحد أمام هذا الدرس المهم قائلا: فى كل بلد خارج الحدود تعبر أم كلثوم عن وفائها للحب الذى تلقته داخل الحدود، فى كل عاصمة تعلن أنها عظيمة لأن شعبها عظيم ساحرة لأن بلدها ساحر تكافح بصوتها لأن بلدها يكافح بسلاحه!

أم كلثوم كانت تنطلق بصوتها قويا وشجيا على خشبة المسرح ولكن فيما وراء خشبة المسرح كانت أم كلثوم هى تلك الفنانة الريفية البسيطة التى تعرف أن الوطنية انتماء وليست هتافات!

حينما تعرضت مصر مثلا للغزو الثلاثى فى سنة 1956 وأصدرت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا قرارًا بتجميد الأرصدة المصرية لديها، ولم يعد فى مصر أية أرصدة أجنبية تسمح حتى باستيراد الأدوية والأغذية، ذهبت أم كلثوم على الفور تتبرع بما تملكه وتعرض ما تستطيعه!

وحينما فعلت أم كلثوم ذلك فإنها لم تفعله أمام الكاميرات وأجهزة التسجيل، لقد فعلته بتواضع وفى صمت، بحيث لم يعرف أحد بذلك إلا بعدها بسنوات عديدة!

وبعد نكسة 1967 اهتزت أم كلثوم من الأعماق بمثل ما اهتز ملايين المصريين ولأنها فنانة ولا تملك سوى صوتها فقد بادرت أم كلثوم على الفور الى تنظيم سلسلة من الحفلات الغنائية التى تقوم بإحيائها فى محافظات مصر وفى العالم العربى أيضا، حفلات كان هدفها الأساسى هو جمع التبرعات لصالح المجهود الحربى وأسفرت فى النهاية عما يزيد على مليونين من الجنيهات بأسعار الستينيات!

لكن أم كلثوم فعلت ذلك ولم تذهب الى الإذاعة والتليفزيون لكى تطلب إذاعة حفلاتها هذه، ولا سمحت لأحد بأن يلوى المناسبة لكى يختلط العام بالخاص ويصبح المجهود الحربى وسيلة ملتوية للمزيد من الشهرة والأضواء، أم كلثوم لم تنقصها أضواء ولا شهرة لقد فعلت ذلك فى صمت وبإصرار حقيقى وتواضع منقطع النظير.

لقد أعطت أم كلثوم نموذجًا لما يستطيعه الفنان - والفنان فقط- أن يفعله لبلده، دافع عن بلدك عن حياتك عن سمائك عن هوائك دافع عن أرضك.

هذا هو درس أم كلثوم لنا جميعًا ولعله يكون درسًا موجعًا لأفندية الكورة سواء فى أنديتهم أو المنتخب الوطنى، الانتماء والروح والجدية أقصر طريق للنجاح والانتصار!