الثلاثاء 22 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
رسائل الزعيم نهرو وأحمد بهاء الدين!

رسائل الزعيم نهرو وأحمد بهاء الدين!

عندما قرر الأستاذ «أحمد بهاء الدين» أن يترجم كتاب الزعيم الهندى «نهرو» ورسائله إلى ابنته «انديرا غاندى» عام 1955، فوجئ بأن الكتاب الأصلى يقع فى ألف صفحة ويضم 196 رسالة كتبها «نهرو» وهو فى السجن!!



وكانت ابنته فى سن الثالثة عشرة عندما كتب لها أول رسالة بتاريخ 26 أكتوبر سنة 1930 وكانت آخر رسائله إليها بتاريخ 9 أغسطس سنة 1933.

ومن بين ألف صفحة اختار بهاء بعينه الواعية وعقله الذكى عشرين رسالة حاول فيها نهرو أن يلقن ابنته درس السياسة والحياة عن طريق سرد تاريخ العالم، وتوقف «بهاء» أمام الرسائل التى تحدث فيها نهرو عن الثورات الكبرى التى تركت أثرها فى حياة العالم.

وفى رسالته الأخيرة لأنديرا دروس مهمة جديرة بالتأمل العميق إذ يقول لها:

لست من رجال الأدب ولا أنا أزعم أن السنوات الكثيرة التى قضيتها فى السجن كانت أسعد أيام حياتى، ولكن الذى يجب أن أعترف به هو أن القراءة والكتابة قد ساعدتنى مساعدة رائعة على اجتياز هذه السنين، نعم أننى لست أديبا ولا مؤرخا! إذن فمن أنا؟!

ما أصعب الإجابة عن هذا السؤال، لقد جربت أشياء كثيرة، بدأت بدراسة العلم فى الكلية ثم اتجهت إلى القانون وبعد أن مررت بمهن كثيرة فى الحياة اتجهت إلى المهنة الشعبية الواسعة الانتشار فى الهند وهى التردد على السجن!

ويضيف نهرو قائلا لابنته: وإياك أن تأخذى شيئا مما حدثتك به فى هذه الخطابات على إنه قضية مسلمة أو على أنه كلام خبير، رجل السياسة فى العادة يجب الإدلاء برأيه فى كل موضوع، وهو عادة يتظاهر بمعرفة أكثر مما يعرف فعلا، ولذلك فإنه يجب مراقبته بدقة!

وقد استطعت أن أقرأ هنا كتبًا كثيرة وقد أخذت من هذه الكتب، وبلا تحرج الكثير من المعلومات والأفكار فليس فيما كتبت شيئا من ابتكارى!

ولكن قراءة الكتب وحدها لا تكفى فلكى تعرفى الماضى يجب أن تنظرى إليه فى مشاركة وفهم، لكى تفهمى إنسانا عاش منذ زمن يجب أن تفهمى البيئة التى أحاطت به، والظروف التى عاش فيها والأفكار التى كانت تملأ رأسه، فإنه لمن السخف أن نحكم على الذين عاشوا قبلنا كما لو كانوا يعيشون فى عالمنا ويفكرون كما نفكر.

حقا إن الماضى ليمنحنا الكثير فكل ما لدينا الآن من ثقافة وحضارة وعلم هبات من ماض بعيد أو قريب، فمن الحق إذن أن نعترف بديننا نحو هذا الماضى، ولكن الماضى لا يجب أن يستغرق عمرنا، فإن فى أعناقنا نحو المستقبل واجبا لا يقل بل لعله يزيد عما ندين به لهذا الماضى، أما المستقبل فإنه لم يأت بعد، ولكننا نستطيع أن نشارك فى تشكيله، فإذا كان الماضى قد أعطانا جزءا من الحقيقة فإن المستقبل يخفى جوانب أخرى منها ويدعونا إلى البحث عنها، ولكن الماضى يغار دائما من المستقبل وهو يمسك بنا دائما بقبضته القوية وعلينا نحن أن نصارعه حتى نتحرر ونواجه المستقبل ونتقدم إليه.

ومن الأقوال المألوفة أن التاريخ يعلمنا دروسا كثيرة ومن الأقوال المألوفة أيضا أن التاريخ لا يعيد نفسه أبدا، وكلا القولين صحيح، ذلك إننا لم نتعلم منه شيئا بمجرد النقل عنه أو بتوقعنا منه أن يعيد نفسه ولكننا نستطيع أن نتعلم منه بالاسترشاد به وبمحاولة اكتشاف القوى التى تحركه.

إن  التاريخ يعلمنا التقدم والنمو وإمكان تطور الإنسان إلى الأحسن.

ولا تزال رسائل نهرو الزعيم التاريخى للهند تستحق القراءة.