الأحد 30 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
السينما بين شارلى شابلن والريحانى!

السينما بين شارلى شابلن والريحانى!

مازلت معكم أعزائى قارئًا ومستمتعًا بكتاب «نجيب الريحانى» للأستاذ والناقد الكبير «عثمان العنتبلى» الذى صدر بعد وفاته بعدة شهور، بل لم يتمكن نجيب الريحانى من رؤية آخر أفلامه «غزل البنات».



فى فصل عنوانه «السينما بين شارلى شابلن ونجيب الريحانى» حكى الأستاذ عثمان العنتبلى هذه الواقعة قائلًا:

شاهد «نجيب» يومًا فيلمًا مصريًا كنت أشاهده معه بدعوة منه، وسألنى بعد انتهاء الفيلم فقد لاحظت صمته المطبق وهو يتفرج عليه: ما رأيك فى الفيلم؟!

أجبته: لا يمكن أن أجد فيلمًا أردأ إخراجًا وموضوعًا وتمثيلًا من هذا الفيلم!

فقال لى: لا تجمع فى رأيك أن الفيلم حقيقة فى حاجة إلى العناية بأمر إخراجه، ولكن تذكر الجهد المبذول فيه وكم أنفق عليه، وكم فرد اشتغل فيه وبذل عصارة نفسه من أجله.. إن الإخراج يا صديقى هزيل وهذا ما يدفعنى إلى إلقاء التبعة على المخرج وتركيز العيب فيه!

المخرج هو الأداة المحركة لهذه المجموعة الكبيرة من الممثلين والمصورين والمهندسين إلخ، هو العقل الذى يسير الدفة هو الكل فى الكل، وواجبنا أن نحصر فيه المآخذ والنقد.. إن الفيلم السينمائى يحتاج إلى المخرج الصالح، ولقد فشلت لى أفلام وأرى أن المخرج هو أساس الفشل وسببه، لا داعى لأن أحدد لك كم مخرج تصرف فىّ! وكنت مطواعًا له، يسيرنى كيف يشاء ويهوي، حتى نطقى وأدائى تدخل فيهما المخرجون وكنت أذعن لهم جميعا وأصدع لأوامرهم جميعًا!.

ولكننى مع الأسف الشديد كنت لا أرضى على نفسى بعد انتهاء الفيلم ورؤيتى له معروضًا بدار السينما!

وصمت نجيب بعد كل هذه الحماسة وهذا الاسترسال والتفت إلى متطلعا مثبتا فى عيناى عينيه الفاحصتين، فقرأت رغبته الشديدة لاستطلاع رأيى والوقوف على ردى فيما يقول!

قلت له: كثير من الفنانين المسرحيين المجيدين لم ينالوا فى السينما حظهم من النجاح ما نالوه فى المسرح، وهذا راجع إلى أن الجماهير فى حماستها وتهليلها تتجاوب مع الفنان المسرحى ويتجاوب معها فتثور حماسته وتلتهب عواطفه، ويتقدم هذا التجاوب أحيانا فى السينما ذات اللقطات المتعددة المتقطعة التى لا تتفق مع طبيعة بعض الفنانين المسرحيين»، وأرى أنك لا تتجانس مع السينما، وشعورك نحوها شعور التحفظ غير المنطلق نقيضك على المسرح!

فهز رأسه وأردف قائلًا:

قد تكون محقًا فيما تقول، ولكننى أعدك منذ الآن بأننى لن أعمل فى فيلم أيًا كان إلا بعد اتفاقى التام مع مخرجه وبعد رضائى المطلق عن خطة الإخراج.

وبعد سنوات ظهر فيلم «لعبة الست» فقابلت نجيب وهنأته على دوره ونجاحه فيه، وابتسم - رحمه الله - ابتسامته اللطيفة العذبة وقال: ليس هناك نجاح أو سقوط وهناك تعاون كما قلت بينى وبين المخرج.

ثم قال لى بعد فترة تفكير كعادته عندما يعتزم أمرًا:

صارحنى الرأى ماذا ترى فى إخراجى لأفلامى بنفسى؟

وأعترف بأن هذا السؤال قد حيرنى لأن دعوتى الدائمة تنزع إلى التخصص الفنى، ففى التشعب فقدان للجودة وانعدام للإتقان وصارحته برأيى!

فسألنى من يؤلف لشارلى شابلن؟ فقلت: شارلى شابلن!

قال هل يرضى الفنيون جميعًا عن إخراج شارلى شابلن: أجبت ليس جميعهم؟!

قال وما السبب؟ أجبت: يرى البعض فى إخراج «شارلى» بدائية وسطحية كما رأى البعض أن حرفية الإخراج ليست لأزمة شارلى فالسيطرة فى أفلامه له لذاته، أنه يستحوذ بمذهبه وطريقته وشخصيته على كل شىء، مداريا بهذا نقصه فى النواحى الفنية الأخرى!!

فضحك رحمه الله وقال: وتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم!