الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
إحسان عبدالقدوس: لا أحب تجريح الآخرين حتى لو جرحونى!

إحسان عبدالقدوس: لا أحب تجريح الآخرين حتى لو جرحونى!

كان أطول حوار صحفى جرىء مع الأديب والكاتب الكبير الأستاذ «إحسان عبدالقدوس» هو الحوار الذى نشرته له مجلة الجديد عامى 1973 و1974 واستمر نحو 57 أسبوعًا وكان يرأس تحرير المجلة د.رشدى رشدى.



توقفت كثيرًا أمام بعض آراء إحسان عبدالقدوس ومنها:

«لست مؤرخًا يحاول أن يعيد كتابة تاريخ الحوادث فى مصر قبل الثورة أو بعدها، لست بالقاضى الذى يمنح نفسه أو يمنحه القانون حق الحكم على الآخرين، وتصنيفهم إلى أبرياء ومذنبين، ولكننى إنسان قُدر له أن يعيش حياته بأبعادها الثلاثة: طولا وعرضًا وعمقًا!

وشاء لنفسه أو شاء له القدر أن يرتبط فى حياته بالعديد من الحوادث الجسام التى صنعت المتغيرات الكبرى فى تاريخ مصر الحديث، إنها مجرد رحلة مع النفس لا نقصد منها إلى مدح إنسان أو ذم آخر، أو إدانة فرد وتبرئة آخر فلست بالقاضى أو عالم التاريخ».

المسألة عندى ليست مسألة كراهية أو حب، إنها عندى أولًا وأخيرًا منهج فى التفكير التزمت به طيلة عمر منذ وعيت، وهو منهج جنبنى الانزلاق فى مخاطر الأحكام الشخصية المعرضة على غيرى!

هذا المنهج ببساطة هو أفكارى الفردية فى كل شىء سواء فى حياتى الخاصة: سلوكًا وفكرًا أو فى تعاملى مع الآخرين ورؤيتى لهم».

علمتنى الحياة ألا أنظر إلى الأفراد باعتبارهم أشخاصًا قابلين للحب أو الكراهية بل باعتبارهم نبعًا لمواقف إنسانية ذات تأثير اجتماعى مفيد، أو ضار!!

وهذه النظرة إلى المواقف ورفضها ـ أو الحماس لها ـ جعلتنى أقرب إلى الموضوعية فى حكمى على الحوادث والأشخاص، وحمتنى من الوقوف موقف العداء الشخصى من خصومى فى الرأى طيلة حياتى، الأمر الذى كان يصعب فهمه على الكثيرين ممن يعرفوننى معرفة شخصية فهم مثلا يروننى أهاجم وزيرًا وفديًا كبيرًا كفؤاد سراج الدين.. حين يقف موقفًا سياسيًا يستحق الرفض، فإذا أصدر تعليماته فجر الخامس والعشرين من يناير عام 1952 لقوات الأمن بالإسماعيلية بأن تدافع ضد الإنجليز عن مبنى المحافظة حتى آخر طلقة وآخر رجل، كنت أول المدافعين عن قراره الذى يمثل موقفًا وطنيًا لا يختلف عليه اثنان!

لا أحب تجريح الآخرين حتى لو جرحونى، ولا أقبل لنفسى مقعدًا لم أسع إليه طيلة عمرى وهو مقعد القاضى الذى يحكم على الغير، حتى فى مجال الأدب والنقد ولهذا اكتفى بأن أقول إن ما ظنه خصومى انحلالا وهبوطًا وأدبًا مكشوفًا أو عاريًا، قصدت به أولا وأخيرًا أن ادافع عن المرأة!

إننى احترمت المرأة واحترامى هذا يجعلنى ارتفع بالمرأة إلى مستوى من الاحترام يقترب من القداسة، فهى أم الحياة، إلى أشجار مثمرة، وهذه النظرة تجعلنى أمقت مقتًا شديدًا أن أرى المرأة فى وضع مخالف لما يجب أن تكون عليه بالفعل، ومن هنا فإن غضبى لأى امتهان لكرامة المرأة سواء فى الحب أو فى الحياة بوجه عام يتحول إلى ثورة داخلية يعبر عنها قلمى بقسوة.

إن الحب هو قضية عمرى التى عشت من أجلها، عنها كتبت، وعنها دافعت ضد أعداء الحب، بمعناه الخاص والعام، ومن أجلها وبسببها تعرضت لما تعرضت له من محن على المستويين الشخصى والعام، بل إننى أستطيع القول إن الحب بأوسع معانيه كان العامل الأكثر تأثيرًا فى حياتى الشخصية وفى تحريك هذه الحياة نحو العمل العام». وللحكاية بقية..