
رشاد كامل
دموع جوزفين ووفاة الريحانى!
كانت قصة حب وغرام نجيب الريحانى والمغنية والراقصة والممثلة الأمريكية جوزفين بيكر حديث الوسط الفنى فى مصر، وكانت ترى أن نجيب الريحانى أحسن فنان فى عصره وسيمر وقت طويل قبل أن يشهد العالم مثله!
هكذا اعترفت جوزفين ذات مساء لشكرى راغب مسئول دار الأوبرا والذى كان مشرفًا على حفلها الغنائى فى القاهرة سنة 1943 لصالح جرحى الحرب من قوات الحلفاء. ويأتى تفاصيل العلاقة يرويها شكرى راغب فى كتابه الممتع «الباب الخلفى» فيقول: حان الوقت الذى يجب أن تغادرنا فيه جوزفين إلى باريس وحاول نجيب إقناعها بتأجيل سفرها ولكن عقودها فى باريس كانت تحتم عليها السفر وسافرت على أن تعود وفى جعبتها جملة مشاريع تربطهما برباط فنى دائم.. وكان من بين مشاريعها إنتاج فيلم سينمائى مصرى فرنسى تشترك فيه جوزفين ونجيب ويكون من تأليفه وتمثيله وإخراجه وإحياء موسم مسرحى فى الشتاء بالقاهرة ثم الطواف حول العالم لتقديم مسرحيات مشتركة!
وأذكر أننا أثناء عودتنا من المطار سألت نجيب الريحانى وكان يجلس بجوارى صامتًا شاردًا كأنه عائد لتوه من تشييع جنازة عزيز: مالك يا نجيب هو جد واللا هزار؟
فأجابه: بقى كل اللى شفته ده وبتسألنى مالك.. وكمان جد ولا هزار؟!
وأشهد أننى كنت حمارًا وقتئذ فلم أفهم شيئًا رغم أنى رأيت كل شىء!!
وبقى سر نجيب فى قلبه إلى أن وصلت باريس بعد ذلك بأعوام ومررت على مسرح «الفولى بريجيير» لأرى العرض وأحيى الزملاء الذين عملت معهم أثناء الحرب والذين تربطنى وإياهم رابطة الفن.
وكانت جوزفين بيكر تشترك فى استعراض «الفولى بريجيير» ببرنامج فيه قطعة رائعة عن مصر، كانت تمثل الترجمان العربى فى عباءته وشاله وقوامه الجميل الممشوق وكانت تختال فى مشيتها وحركاتها وتنال التصفيق الشديد إثر كل مقطوعة!
فأرسلت إليها بطاقتى وفى الحال أرسلت إلىّ من ينبئنى بالحضور لمقابلتها بعد العرض كما أرسلت إلىّ حارس الباب الخلفى ليسمح لى بالدخول فى الحال.
وتوجهت بعد العرض الى الباب الخلفى، لأجد جوزفين وقد انتهت من الحمام لتسألنى: كيف الحال فى القاهرة؟
فقلت: عال، قالت ونجيب؟
فسكت ولكنها أعادت علىّ سؤالها: ونجيب كيف حاله؟ ألا يزال يذكر محبوبته جوزفين؟
ولم استطع أن أرد عليها فقالت: أمريض هو.. أم ؟! وهززت رأسى فقالت: مات.. متى؟
قلت: هذا العام وقصصت عليها قصته وهى واجمة ثم رأيت الدموع تناسب من مآقيها، فلم أطق الانتظار وغادرتها بعد أن قبلت يدها!
وينهى شكرى راغب الحكاية بقوله: وهنا عرفت سر الوداع - فى المطار - وسر وجوم نجيب عندما عُدنا معًا تلك الليلة!
انتهى ما كتبه شكرى راغب عن قصة حب الريحانى وجوزفين بيكر لكن التفاصيل الأكثر دهشة وغرابة هى ما رواه الكاتب المسرحى الكبير «بديع خيرى» رفيق وزميل عمر الريحانى فى مذكراته وكشف فيها عن جانب مثير عندما حاول الملك فاروق مغازلة جوزفين وعشقها للطعمية! وإلى تفاصيل أخرى وللحكاية بقية!