الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
شطارة عبدالوهاب ود.على الراعى!

شطارة عبدالوهاب ود.على الراعى!

«هموم المسرح.. وهمومى» واحد من أجمل وأهم مؤلفات أستاذنا الكبير والناقد الذى لن يتكرر الدكتور «على الراعى» فى الكتاب ذكريات وحكايات مدهشة شاهدها وعاصرها بنفسه د.على الراعى وسجل بعضها فى كتابه الممتع.



كان د.على الراعى يتحدث عن «المسرح الغنائى» وتاريخه إلى أن قال بصراحة وشجاعة «إن مصالح الكبار فى حقل الغناء وقفت عقبة كأداء فى سبيل المسرح الغنائى، والآن أفصح عن أسماء هؤلاء فهم على التوالى: محمد عبدالوهاب، وعبدالحليم حافظ، وأم كلثوم، وبليغ حمدى الذى انضم - كارها أو مجبرًا - إلى فريق المدافعين عن الأغنية الفردية رغم موهبته الباكرة والظاهرة فى حقل التلحين للمسرح الغنائى!

فلنبدأ بالفنان الكبير «عبدالوهاب» ومنذ أوائل الستينيات - القرن العشرين - وأنا أتابع عن كثب جهود «عبدالوهاب» فى منع أو تعويق أو احتواء أية محاولة لإقامة المسرح الغنائى! كنت آنذاك رئيسا لمؤسسة فنون المسرح والموسيقى وتقدم إلينا الشاعر عبدالرحمن الخميسى بأوبريت «مهر العروسة».. لكى نقدمها على المسرح واقترح اسم «عبدالوهاب» ليلحنها، فوعد الفنان خيرًا وضرب الموعد تلو الموعد، وكانت كلها مواعيد عرقوبية لم يف بأحد منها، وما كان فى نيته أن يفعل!

ولكن عبدالوهاب شخصيته شديدة النعومة، هو لا يقول لا أبدا، بل يصرح سأفعل ثم لا يفعل!! وأذكر أنه دعانا - أنا وعبدالمنعم الصاوى من رجال الثقافة لتناول الغداء على مائدته، فقدم أطايب الطعام وأعذب الأحاديث، وتحدث بكل إعزاز عن سلفة العظيم «سيد درويش» ودوره الخلاق فى دعم وتطوير المسرح الغنائى.

وقمنا من عنده وقد استقر فى وعينا أن «عبدالوهاب» لا بد منجز ما وعد! ولكنه أثبت أنه أمين لطبيعته: هو أقدر من يأخذك إلى الماء العذب ثم يعيدك عطشانًا!

وبالفعل مرت السنوات وعبدالوهاب يعد ولا ينجز، وقد تعددت التفسيرات فى لغز عبدالوهاب، فالفنان القادر - لا شك - على التلحين للمسرح الغنائى كما تشهد محاولته تلحين «مجنون ليلى» (لأمير الشعراء أحمد شوقى) التى تمت باقتدار، ودفعت الناس إلى مطالبته بصورة مستمرة وملحة إلى إكمال العمل، وكما تدل أيضا ألحانه النابضة بالحياة والفكاهة والطزاجة فى بعض الأفلام مثل: إسكتش الحبيب المجهول، وأبجد هوز وغيرهما!

ويضيف «د.على الراعى» موضحًا: بعض التفسيرات  مالت إلى الاعتقاد بأن عبدالوهاب هو فنان الغناء الفردى وليس المسرحى، هو يجيد تصوير أشواق الفرد وعذاباته وآلامه ولكنه لا يستطيع أن يصور الجماعة، لا يقدر على أن يخضع موسيقاه وألحانه لتصوير الحرفيين والكادحين مثلما فعل سلفه العظيم «سيد درويش» ويضيف هؤلاء أن هذا لا ينال من فن عبدالوهاب، فلكل فنان موهبته والمهم أن يظل الفنان أمينًا لهذه الموهبة.

ونفر آخر قالوا: عبدالوهاب لا يلحن للمسرح الغنائى لأنه كسلان، وآخرون قالوا بل إنه يشفق على صحته من الجهد، ونفر ثالث أكد أن المسألة ليست مسألة صحة!

عبدالوهاب يحسب المسألة بدقة، الجهد الذى يبذله فى تلحين أوبريت واحد يستطيع أن يبسطه على مدى أعوام كاملة فى تلحين الأغنيات الفردية الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، وهذه يسجلها على شرائط كاسيت أو اسطوانات فتعرف طريقها مباشرة إلى سوق واسعة تمتد من الخليج إلى المحيط، وتشمل بلادًا فى إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، وأمريكا الأمريكية أيضا!!

أى أن مئات الألوف وربما الملايين يسمعون عبدالوهاب وفنه بهذه الطريقة السهلة، يسمعونه ويدفعون!

أما فى حالة الأوبريت، فكم عدد المترددين عليها، مائة ألف مثلا على مدار العام وكم يدفعون؟ مهما كان الرقم فهو ضئيل بالقياس إلى عائد التسجيلات، فضلا عن أن جزءًا كبيرًا من هذا يأتى بالعملة الصعبة.

وينهى د.على الراعى كلامه عن الفنان عبدالوهاب بقوله:

ومن ثم تقف مصالح عبدالوهاب الحقيقية ضد قيام المسرح الغنائى!!