الثلاثاء 16 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
معركة أم كلثوم ود.سمحة الخولى!

معركة أم كلثوم ود.سمحة الخولى!

عندما تولى د.على الراعى منصب رئيس مؤسسة فنون المسرح والموسيقى كان أحد أحلامه إحياء المسرح الغنائى فى مصر، لكن بمرور الوقت اكتشف أن مصالح الكبار فى حقل الغناء كانوا العقبة فى تحقيق الحلم.



وذكر منهم محمد عبدالوهاب وحليم وأم كلثوم!!

وفى كتابه الممتع «هموم المسرح وهمومى» يحكى قائلا:

«أم كلثوم موقفها من المسرح الغنائى يحمل بعض السمات المغايرة وإن التقى الهدف والنتيجة مع موقف عبدالوهاب!

ولازلت أذكر نقاشًا حادًا دار ذات يوم فى أوائل الستينيات «القرن الماضى» بين «أم كلثوم» والدكتورة «سمحة الخولى» عميد الكونسرفتوار بأكاديمية الفنون بالقاهرة،

كان النقاش يدور فى أحد اجتماعات المجلس الأعلى للفنون والآداب، وكنت أحضر ذلك الاجتماع بوصفى رئيسًا لمؤسسة المسرح والموسيقى وكان الموضوع الذى ثار بحدة بين طرفى النقاش هو: ميزانية النشاط الموسيقى فى وزارة الثقافة!

فقد لاحظت «أم كلثوم» وجود مبلغ كبير مخصص لاوركسترا القاهرة السيمفونى، كما لاحظت وجود مبالغ أخرى مهيأة للإنفاق على بعثات لتعلم الموسيقى العالمية، دراسة وعزفا وقيادة فاعترضت أم كلثوم اعتراضًا بدا قويا، ثم تطور لحصار حاد وانتهى عاصفا، حين أعلنت «الست» بصوت آخر غير صوتها الرخيم أن الذين يوفدون ليدرسوا الموسيقى العالمية فى الغرب يذهبون ويعودون حمير!!

وأضافت أن من الأولى والأكثر فائدة أن تنفق هذه المبلغ - مبالغ الأوركسترا والبعثات- على تطوير الموسيقى الشرقية وتعلمها داخل الوطن، وكانت «سمحة الخولى» تأخذ بوجهة النظر المعارضة وهى أن تعلم الموسيقى العالمية شىء مهم وضرورى فى حد ذاته، فضلا عن أنه لا يتعارض مع الموسيقى العربية، بل لعله جدير أن يساعد فى تطوير هذه الموسيقى بما يكسبه دارسو موسيقى الغرب من مهارة تقنية فى كتابة الموسيقى وأدائها والتأريخ لها، يستخدمونها فيما بعد فى خدمة الموسيقى العربية، على نحو ما كان يفعل إذ ذاك- زمن تلك المناقشة - المرحوم الدكتور أبوبكر خيرت.

ولكن أم كلثوم لم تقتنع بهذه الحجج وسرعان ما تكهرب الجو بينها وبين «سمحة الخولى» التى كانت تقارع الست الحجة بالحجة فى هدوء وبرود أعصاب، بينما كانت «أم كلثوم» مغيظة نافرة الأعصاب حقا!

وظننت أنا أننى أستطيع تلطيف الجو لو تدخلت فى المناقشة وقارنت بين ما تفعله وزارة الثقافة فى ميدان الموسيقى بما حدث من قبل فى ميدان دراسة الأدب فى الجامعات، فقلت لأم كلثوم: إن وزارة التعليم العالى توفد البعثات إلى إنجلترا مثلا لدراسة الأدب العربى وليس معنى هذا أن الوزارة تقول إن دراسة الأدب العربى فى مصر قاصرة ولا أن الإنجليز يعرفون أدبنا خيرًا منا، وإنما الهدف من البعثات هو أن يتعلم الموفدون أساليب البحث العلمى فى حقل الأدب العربى ثم يعودون من بعد إلى بلادهم ليخدموا ذلك الأدب بتقنية جديدة ونظرة جديدة، وقد تم هذا بنجاح كبير فى حالات كثيرة ابتداء من «طه حسين».

ويكمل د.على الراعى ما جرى بعد ذلك فيقول: والظاهر أن أم كلثوم أعتقدت أن رئيس الاجتماع - أى شخص الضعيف - قد انضم إلى الخصوم عوضا عن أن يلزم جانب الحياد، فتركت الاجتماع وهى مغضبة أشد الغضب، ولم يفلح أحد فى استرضائها وإقناعها بالعودة، فخرجت الست من ذلك الاجتماع ولم تعد من بعد إلى اجتماعات وزارة الثقافة.

وبعد مرور كل تلك السنوات - زمن الواقعة كان فى أوائل الستينيات - غير قادر على تبين سر تلك الثورة العارمة التى واجهت بها «أم كلثوم» الموضوع برمته، إن الذين عرفوا المطربة عن قرب - وقد تهيأ لى شىء من هذا بحكم عملى السابق فى الإذاعة المصرية وفى مؤسسة المسرح يشهدون لها بالكياسة واعتدال المزاج!!