الأحد 30 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
روزاليوسف تغضب  من الصحافة الفنية!

روزاليوسف تغضب من الصحافة الفنية!

«قبل البدء فى هذه المذكرات لا أرى بدًا من أن ألفت أنظار القراء إلى نقطة مهمة هى أن الكثير منها كنت أدونه فى مفكرتى والباقى لا يزال مطبوعًا فى الذاكرة، فليس فيما سوف يطالعه القراء شيئًا من المغالاة أو صبغة من الخيال أو التزويق أو التنميق، ولكنهم سيطالعون الحقائق المجردة، وسيان عندى بعد ذلك أن حكموا لى أو حكموا علىّ، أو فزت بإعجابهم أو أثرت سخطهم فحسبى الحقائق أسوقها إليهم تاركًا لهم حرية النقد أو التقريظ». هكذا بدأت السيدة «روزاليوسف» الحلقة الأولى من ذكرياتها التى بدأت نشرها فى 28 فبراير سنة 1938 وتكمل قائلة:



«أغسطس سنة 1925 بين حياتى الفنية وحياتى الصحفية حلقة تصل ما بينهما كما تفصل الواحدة عن الأخرى، كانت هذه الحلقة جلسة فى حلوانى «كساب» الذى تقوم مكانه الآن سينما «ديانا» وكان ذلك فى ليلة من ليالى أغسطس الحارة سنة 1925، وهو مكان كنت أرتاده أنا ونفر من أصدقائى الصحفيين والأدباء والنقاد كلما انتهيت من عملى الفنى المسرحى.

وفى تلك الليلة كان الموسم المسرحى قد انتهى وشعرت بعودة حريتى إلىّ وتخلصى من عناء البروفات ودراسة الأدوار المطولة، وتأهبت لاستقبال فصل الكسل والخمول وكان يبدأ من هذه الليلة بالذات.

كانت الساعة الثامنة مساء حين جلست فى ركن من الحلوانى المذكور، وحولى حضرات الأساتذة «زكى طليمات» و«إبراهيم خليل» و«محمود عزت» و«أحمد حسن» وجلسنا نتحدث كعادتنا كل مساء فى كل شىء وفى لا شىء!!

ودخل أحد باعة الصحف وهو يصيح بصوته الداوى: الحاوى.. الحاوى بتاع الليلة!

وألقى البائع نسخة من هذه المجلة التى كان يصدرها - إذ ذاك - الأستاذ حافظ نجيب ولم أشأ أن أكسف البائع فألقيت إليه بثمن النسخة وأخذت أقلب صفحات المجلة حتى وصلت إلى القسم الفنى لأطالع ما يكتب عن الفنانين والفنانات بالحق وبالباطل أيضًا.

وكانت حملة النقاد على الفنانين بالغة نهاية القسوة، فلم يكن ما يكتب فى الصحف نقدًا مسرحيًا بل مهاجمات على طول الخط! فإذا أعوز الكاتب ما يدلل به على صدق مهاجمته لم يتورع على اختلاق الأكاذيب وسردها على أنها حقائق وصل إلى معرفتها بجده وخبرته الصحفية!

وقلت لنفسى: ترى إلى من يلجأ الفنان ليرد عنه حملات النقاد المغرضين؟!

وإذ ذاك خطر لى خاطر هو لماذا لا يكون للفنانين مجلة تنتصف لهم من خصومهم، وتردد هذا السؤال فى مخيلتى برهة فلم يلبث أن جر إلى سؤال آخر هو لماذا لا أقوم أنا بإصدار هذه المجلة؟!

وأعجبتنى الفكرة الأخيرة فأطلت التأمل فيها وذهلت برهة عن أحاديث الأصدقاء وضحكاتهم العالية، ولم أتردد أن طرحت الفكرة على الأصدقاء، فما أسرع ما تناولوها على أنها فكاهة، وأمعنوا فى القفش والتنكيت ولكنى تغلبت على هذرهم ومجونهم وأرغمتهم على بحث الفكرة جديًا.

وسرعان ما أخذ كل منهم يبدى رأيًا واختلفت الآراء لكنها اجتمعت حول نقطة معينة، أن إصدار مجلة فى الوقت الحاضر يستلزم نفقات لا قبل لى بها!

وأحزننى أن تتبدد هذه الفكرة التى سررت منها هنيهة بهذه السرعة، فأخذت أناقش آراءهم بحدة وأتهمهم بالجهل وسواء التقدير، وكأنما حفزتنى المنافشة لأن أدعم أقوالى بدليل مادى فطلبت إلى الصديق إبراهيم خليل وهو الصحفى الوحيد الذى كان بينهم أن يبين لى مقدار ما تتكلفه المجلة من «ملزمتين»!

ولست أدرى هل أراد الصديق مجاملتى ونصرتى على خصومى، أم أنه لم يشأ أن يميت الأمل فى صدرى كالآخرين، فقد أعمل قلمه برهة ثم قال إن ثلاثة آلاف عدد من الحجم الذى عينته له يكلف نحو اثنى عشر جنيهًا فإذا بيعت كلها كان ربحها خمسة جنيهات!! وللذكريات بقية..