الإثنين 21 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
معركة حول اسم «روزاليوسف»!

معركة حول اسم «روزاليوسف»!

طلبت السيدة روزاليوسف من صديقها الصحفى «إبراهيم خليل» أن يحسب لها تكلفة طبع مجلة من ملزمتين فقال لها إن تكلفة ثلاثة آلاف نسخة هى اثنى عشر جنيها، فإذا بيعت كلها يكون ربحها خمسة جنيهات!



وتكمل السيدة روزاليوسف باقى الحكاية فى ذكرياتها الصحفية المنشورة عام 1938 كحلقات فى المجلة فتقول:

«ووجم الجميع إزاء هذا التصريح الخطير وأخذوا ينظرون إلى المسألة بعين الاهتمام، وكنت أنا أكثرهم اهتماما فرحت أناجى نفسى فأقول: خمسة جنيهات كل أسبوع أو عشرون جنيها فى كل شهر ربح جميل! إذا أضيف إلى مرتبى الفنى وقدره سبعون جنيها اجتمع لى تسعون جنيها.. ثروة طائلة ولا ريب.. إذن إلى الأمام».

وعرضت لنا مشكلة الاسم فأخذ كل من الحاضرين يعتصر قريحته ويطلق اسما معينا فلا يلاقى من زملائه سوى الاستهجان والتبويخ! وصمت الأستاذ «زكى طليمات» برهة طويلة ثم قال.

أنتوا عاوزين المجلة تروج تمام؟!

فأجبت: طبعًا!

وهنا أخذ «زكى» يلقى علينا محاضرة طويلة يدلل بها على تعطش الجمهور إلى «الأدب العالى» ويؤكد لى إنه إذا صدرت مجلة وخصصت لهذا النوع من الأدب لنام القراء على باب المطبعة فى انتظار صدورها!

واختتم محاضرته باقتراح تسميتها باسم «الأدب العالى»!

وهنا وجد أصدقائى المجال فسيحا للقفش والتنكيت فما من سائل يسأل صاحب الاسم: والأدب العالى ده من يطلعوا له بسلم برضه؟!

وآخر يردف: يمكن يا أخى مش عالى قوى، ثم يلتفت لزكى ويقول: هو كام دور يا أستاذ؟!

واشتد مجونهم.. وكثرت الأسماء المقترحة.. ولكن كلها لم ترق لى، وأخيرا خطر لى خاطر فقلت: ولماذا لا أسميها باسمى «روزاليوسف»؟!

ولكن هذا الاسم لقى اعتراضا من الجميع وكل منهم يؤيد اعتراضه بما يحضره من العبارات، ولم أجد من يوافقنى على رأيى من المجتمعين سوى «أحمد حسن» وقد عودنى هذا الصديق على الموافقة دون أى اعتراض حتى ولو كان الرأى الذى أبديه واضح الخطأ، ولم أره يعارضنى أى رأي قط.. وهى ميزة لم تتوافر فى أحد من الناس ولكنها كانت الميزة الوحيدة التى كنت أراها فى هذا الصديق!! وتمضى السيدة «روزاليوسف» قائلة:

وانتهت السهرة عند هذا الحد وانصرف كل منا لشأنه وقد ترك الجميع حديث «المجلة» على عتبة القهوة! ولكنى كنت على العكس من ذلك فقد دخلت الحلوانى فنانة لا أعنى بغير الفن وخرجت منه وقد خلفت فنى مستقبلة حياة جديدة.

ففى اللحظة التى تركت فيها المقهى بدأت حياتى الصحفية وظللت طيلة هذه الليلة، وأنا أقلب بيد الخيال صفحات مجلتى روزاليوسف، كما تترقب الأم مولودها القادم وتتخيل فيه كل الصفات المطلوبة!

ولم يكد يتنفس الصبح حتى ارتديت ملابسى ووجهتى إدارة البلاغ - الجريدة - حيث يعمل صديقى «إبراهيم خليل» صاحب ميزانية العدد الأول من مجلة «روزاليوسف» التى كانت لا تزال تتخذ لها محلا مختارا فى خيالى!

وبوغت الصديق بهذه الزيارة المفاجئة وقبل أن أبدأه بالتحية سألته عن الإجراءات المتبعة لإصدار مجلة، فحدقنى الصديق بنظرة ملؤها الدهشة وقال: أنت بتتكلمى جد؟

ونفذ صبرى لهذا السؤال فانفجرت أعنفه قائلة: منذ متى أمزح معك؟! أنا أسألك سؤالا فأجب عليه أو انصرف!

وخفق الصديق من حدتى وبادر باحضار استمارة ملأت خاناتها بحذر شديد ورفضت أن أعهد إلى صديقى بإرسالها إلى الداخلية بل حملتها بنفسى حتى لا يكون هناك مجال للشك فى وصول الاستمارة».. وللذكريات بقية!