فلسفـة الكـلام الفـارغ
يشير الدكتور زكى نجيب محمود أحد فلاسفة العرب المعاصرين إلى أنه قد حضر محاضرة فى انجلترا كان عنوانها «فلسفة الكلام الفارغ» ويوضح أن الكلام الفارغ فى حد ذاته احيانا يكون له أهميته، ببساطة لأن الإنسان لا يستطيع أن يستمر طوال حياته وفى كل أوقاته يتحدث فى أمور كبيرة أو مصيرية أو جادة، يشير أيضا إلى أن تركيبتنا العربية تميل إلى الحديث مع الأصدقاء وتضع لذلك درجة عالية من الأهمية مقارنة مثلا بالمواطن الإنجليزى الذى لا يعول كثيرا على الحديث مع أى أحد بل يصمت معظم الوقت، أما المواطن العربى فإنه يتلهف على الحديث مع الأصدقاء فى كل وقت وحين وربما يكون ذلك أحد أسباب أن المنطقة العربية قد تلقفت تطبيقات التواصل الاجتماعى واستقبلتها وتفاعلت من خلالها ولا تزال بصورة أكثر بكثير من المواطن الغربى وهى أمور يلحظها اغلب المستخدمين خاصة عندما يتجولون فى صفحات أصدقاء غربيين حيث يفاجأ بقلة اعداد الأصدقاء وندرة المنشورات الموجودة.
يوضح الدكتور زكى نجيب محمود أيضا كم كان محظوظا لوجود مجموعة من الأصدقاء الذى تجمعه بهم صداقة حميمة سمحت له بالتواصل والاجتماع معهم كثيرًا،حيث يتحدثون فى شتى الموضوعات من الشرق للغرب ومن الشمال للجنوب على حد تعبيره، ليس هذا فقط بل إن بعض تلك النقاشات تتحول إلى الفكاهة ويشير إلى انه فى بعض الأحوال يكون هو الشخص التافه -على حد تعبيره أيضا- خلال تلك النقاشات حيث يشير أيضا إلى أن فطرة الإنسان أن يتحدث فيما له شأن احيانا وفيما ليس له شأن احيانا أخرى، كما أن أحد الأنشطة التى يقوم بها كفيلسوف هى الاندماج مع أفراد المجتمع العاديين ومشاركتهم أحاديثهم العادية احيانا.
ما سبق وأن كان تصريح من فيلسوف كبير بأهمية التفاهة والكلام الفارغ احيانا الا أننا لم نستخدم هذا التصريح كما ينبغى، فبانغماسنا فى تطبيقات شبكات التواصل الاجتماعى أرى أننا تقريبا قد قمنا بفعل العكس، أى أننا قد اكثرنا من الكلام الفارغ والاهتمام بتوافه الأمور منحين الأمور المهمة جانبا أو أخذها بنسب بسيطة جدا وهو عكس المطلوب تماما.
