
رشاد كامل
المطرب الشاب الذى أزعج عبدالحليم حافظ!
فى سنة 1954 أسند الأستاذ «مصطفى أمين» رئاسة تحرير مجلة «الجيل» إلى الأستاذ «موسى صبرى» «29 سنة» قائلا له نريدها مجلة للشباب معملًا لتفريخ الوجوه الجديدة الموهوبة فى العلم والرياضة والأدب والفن.
ويقول موسى صبرى: إنه خشى من التجربة فطلب من مصطفى أمين أن يعمل رئيسا للتحرير من الباطن لعدة أشهر دون وضع اسمه حتى تنجح التجربة وبعد ذلك يوضع اسمه!
ويحكى «موسى صبرى»: «كانت أسرة «الجيل» تمثل كتيبة شابة ملتهبة الحماسة طموحًا، تريد أن تحقق شيئا.
لقد تأثرنا بفكرة البحث عن المواهب الجديدة وتشجيعها!
وذات مساء كنا كمن وجد كنزًا، كانت لعبدالحليم حافظ أغنية يرددها الشارع اسمها «توبة» وقدم برنامج الهواة فى الإذاعة صوتًا جديدًا لشاب اسمه «كمال حسنى» غنى نفس الأغنية وأداها بروعة!
ثم شاء المذيع «سعد لبيب» أن يلعب بأفكار المستمعين وأذاع ذات ليلة الأغنية بصوت «عبدالحليم» ثم بصوت كمال حسنى، ولم يعلن عن اسم الصوت الذى غناها فى المرة الأولى أو الثانية وطلب من المستمعين أن يكتبوا للإذاعة أيهما صوت «عبدالحليم حافظ» وأيهما صوت «كمال حسنى» وحار الناس.. لأن أداء «كمال حسنى» كان تماما فى مستوى أداء «عبدالحليم».. ورأت أسرة الجيل أن تشجع هذه الموهبة الجديدة!
وبحثنا عن «كمال حسنى» أين هو؟ ومن يكون وأتضح أنه موظف بالبنك الأهلى».
وسعينا إليه وقدمناه للقراء ثم تبنت الجيل موهبته وطلبنا من كبار الملحنين فى ذلك الوقت أن يلحنوا له واخترنا له الأغانى.
وامتنع كمال الطويل عن التلحين له، وكذلك فعل الموجى وكان ذلك مجاملة لعبدالحليم، وتصدى فريد الأطرش للتلحين له ثم محمود الشريف ثم منير مراد واتجه إليه «محمد فوزى» - وكان صاحب شركة اسطوانات - وسجل له اسطوانات جديدة وتعاقدت معه المنتجة السينمائية «مارى كوينى» على ثلاثة أفلام، ومثل فعلا أول فيلم وكانت البطلة أمامه «شادية» وأخرجه «إبراهيم عمارة» نفس المخرج الذى أخرج حينئذ أول فيلم لعبدالحليم حافظ، وتردد اسم «كمال حسنى» على كل لسان.
وبدأت جبهة عبدالحليم حافظ فى الإذاعة بالذات مقاومة هذا المارد الجديد حماية لعبدالحليم الذى فوجئت به يوما يحضر بروفة تسجيل لكمال حسنى حتى يراه ويطمئن!
وكان امتناع كمال الطويل والموجى عن التلحين لكمال حسنى أكبر دعاية له، نشرنا عنها المواضيع العديدة فى الجيل! ولكن كمال حسنى انطفأ فجأة.. كما لمع فجأة لماذا؟!
يقول «موسى صبرى»: لعبت الشهرة المفاجئة بعقله لقد رأى نفسه ملء السمع والبصر فى أشهر معدودة مطربا معروفا، نجما سينمائيا، صور، أحاديث، تليفونات وخطابات من معجبين ومعجبات، وتراجع محمد الموجى وبدأ يلحن له!
ولكن كمال حسنى تصور أن النجاح يمكن أن يستمر وحده بقوة الدفع.. دون جهد ذاتى، وقع فى الحب تزوج وانصرف تدريجيا عن هدفه وأهمل، كان الملحن ينتظر موعده بالساعات ولا يحضر، لم يهتم بدراسة الموسيقى لم يعط كل وقته ودمه وجهده لفنه، ولم يعرف أن من مسئوليته وحده أن يواجه كل العقبات والمؤامرات التى وضعت فى طريقه، ألقى العبء كله على الصحافة فبدأ ينسحب بالتدريج حتى اختفى بعد أن تحدثت عنه كل أقلام مصر ومنها محمد حسنين هيكل!
وفى النهاية يعترف الأستاذ موسى صبرى: «وبعد تجربة كمال حسنى عزفت عن الدخول فى تجربة من نفس النوع، بل امتنعت عن قبول أى دعوة لسماع صوت جديد، أحسست أننى أفسدت كمال حسنى لأننى سهلت له سبيل النجاح من أقصر طريق، وكان يجب أن يكتوى ويعانى ويدفع الثمن».