الجمعة 28 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
صلاح عبدالصبور  فى بيت فيروز!

صلاح عبدالصبور فى بيت فيروز!

أنا من عشاق فيروز.. هكذا كتب الشاعر الكبير صلاح عبدالصبور عندما زار دمشق فى أكتوبر 1960 فى رحلة صحفية يصاحبه العبقرى «صلاح جاهين» وبعد أن عاد كتب عن هذه الزيارة فى روزاليوسف، وأضاف: صوت فيروز مثل كلمات الشعراء، فالشعراء يستعملون الكلمة بجسدها وروحها، الكلمة الكاملة بذراعيها وصدرها وعينيها وكل روحها المحلقة الطائرة وتصبح الكلمة كأنها كائن بشرى كامل.



إن صوتها من أخصب الأصوات، ميزته إنك حين تسمعه تحس أن كل كلمة من كلمات الأغنية التى تغنيها تحمل معانيها كاملة، ولذلك فإن صوت فيروز هو أحسن الأصوات التى تغنى الشعر، وأى مستمع لا يستطيع أن يتصور «صباح» أو «شادية» مثلا وهما تغنيان قصيدة شعرية، ولكنه يسمع فيروز تغنى القصائد الشعرية البليغة ويطرب وينسجم. وحين كانت الطائرة تحلق بى متجهة إلى دمشق كنت استعجل الزمن لأنى كنت أعلم أن «فيروز» ستغنى لآخر ليلة على مسرح معرض دمشق، وكان فى نيتى أن أضع حقائبى فى الفندق ثم أطير بالتاكسى إلى فيروز!

ولكن الوقت لم يكن معى.. وصلت الطائرة دمشق فى العاشرة مساء، واستغرقت الجوازات والجمرك وحجز الفندق مدة طويلة، وحين طرت بالتاكسى إلى فيروز.. كانت فيروز قد طارت إلى لبنان.

وطرت وراء فيروز إلى لبنان.. بعد أن انتهى مهرجان الشعر فى دمشق لأستمع إلى صوتها.. صوت شاعرة الغناء، بعد أن استمعت خمسة أيام متوالية بمعدل خمس ساعات يوميا إلى مختلف أنواع الشعر وأحجامه وأوزانه!

وفى المساء كنا الزميل «صلاح جاهين» والنائب اللبنانى «أمين الحافظ» وزوجته السيدة «ليلى عسيران»- الأديبة - وأنا فى الطريق إلى «بكفيا» حيث تقيم فيروز.

وطوال الطريق الذى يخلع القلب صعودًا وهبوطًا وانحدارًا وارتفاعًا، كنت أترنم فى سرى بقصيدة «شوقى» الخالدة فى «بكفيا»، تلك القصيدة المليئة بالحياة والرقة التى يحكى فيها «شوقى» قصة فتاة جميلة من «بكفيا» غازلها على الطريق، فامتنعت عن مجاوبته العاطفة بالعاطفة، فلجأ إلى السلاح القديم الذى لا يخيب أثره، واتجه بغزله إلى فتاة أخرى، فالتهب قلب الجميلة، بالغيرة واستسلمت للشاعر!

ويقول شوقى إنه حين ظفر بها تركها إكراما لبيت العبادة الذى لحق بها عنده!

والله وحده يعلم ماذا حدث بين الجميلة والشاعر وهل تركها؟!

ويسترسل شاعرنا الكبير صلاح عبدالصبور وهو صاحب قصيدة «لقاء» التى غناها عبدالحليم حافظ فى بداية مشواره الغنائى فيقول صلاح عبدالصبور:

وكنت أريد أن أسأل فيروز لماذا لا تغنى هذه القصيدة إكراما لبكفيا التى تقيم فيها، و«شوقى» الذى خلدها، وللتكتيك الغرامى الخالد الذى ربط بين قلبى شوقى وفتاة «بكفيا» الفاتنة!

وبعد ساعة من رعب الطريق وقفنا أمام بيت فيروز ونزلنا..

واستقبلنا الأخوان «رحبانى» - منصور وعاصى - وأنا إلى الآن لا أعرف من فيهما منصور ومن عاصى رغم أننى قضيت فى بيتهما ساعات طويلة ولكن ما حيلتى.