الجمعة 28 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«بدرون» أمير الشعراء أول مقر لـ«روزاليوسف»!

«بدرون» أمير الشعراء أول مقر لـ«روزاليوسف»!

وهكذا أصبحت مجلة «روزاليوسف» حديث كل بيت فى مصر ولكن كان ما يؤلم السيدة «روزاليوسف» أن كبار القوم كانوا يقرأون المجلة وهم يخفونها داخل صحيفة يومية حتى لا يقال إنهم من المهتمين بمطالعة المجلات الفنية الطويلة اللسان بعض الشىء!



ونمضى مع ذكريات السيدة «روزاليوسف» التى تعترف قائلة:

«كنت راضية مغتبطة، أليست مجلتى الآن مسموعة الصوت نابهة الذكر فى أنحاء القطر المصرى وغيره من الأقطار؟ وماذا أبتغى غير هذا؟! لقد كنت قبل أن أصدر مجلتى لا أعنى بالناحية الأدبية منها قدر عنايتى بالناحية المادية، ولكنى عندما اندمجت فى الصحافة، وتجاهلت الناحية المادية لم يبق أمامى سوى هدف واحد أرمى إليه.

هذا الهدف هو أن أصل بمجلتى إلى ذروة الكمال فأقدم من على منبرها إلى «بنى وطنى» دروس الحكمة وعبر الحوادث.

ومن أجل هذا كنت أجاهد وأناضل طيلة الشهر كله، ولا أكاد أخرج بنفقات ما أستهلكه من الأحذية أثناء قيامى بالمشاوير من الإدارة إلى المطبعة ومن المطبعة إلى حفار الكليشهات، ومنه إلى مراجعة مواد العدد ومراقبة تنظيم الصفحات.. إلخ.

وضاق منزلى ذرعًا بكثرة زوار المجلة تبعًا لكثرة انتشارها وكان لابد من استئجار إدارة، تخفف الضغط عن منزلى وترحم المحررين غير المأجورين من صعود أربع وتسعين «سلمًا» بضع مرات فى اليوم الواحد، وكان استئجار إدارة جديدة يعد حادثًا خطيرًا له تأثيره فى مالية المجلة التى يقبض عليها الصديق «إبراهيم خليل» بيد من حديد!

واجتمعنا ثم وضعنا مسألة الإدارة الجديدة على بساط البحث، ولم يطل بنا الحديث فقد تم الاتفاق على استئجار «بدرون» المنزل المقابل لمنزلى وكان يملكه أمير الشعراء المرحوم «أحمد شوقى بك» وهو نفس المالك للمنزل الذى كنت أقيم فيه أيضًا، وكان البدرون يحتوى على غرفتين متداخلتين وردهة صغيرة لا تتسع إلا للقليل من الأثاث وإيجاره «مائتا» قرش فى الشهر!

وللوصول إلى الإدارة الجديدة ينبغى أن يهبط المرء أكثر من أنثى عشر «12» سلمًا أو أكثر.. وهكذا انتقلت الإدارة من الارتفاع الشاهق إلى هذه الهوة السحيقة كما كان يدعوها أمير الشعراء، على أن اغتباطى بهذه الإدارة المستقلة كان كبيرًا، فأقبلت أزين الجدران بالورق الملون وأستوحى كل ما وهبه الله للمرأة من «الذوق» فى تنسيق هذه «الهوة السحيقة» حتى استحالت بعد مجهود إلى إدارة «بحق وحقيق» يرتاح المرء للجلوس فيها ويطمئن الكاتب على عدم شرود خياله منها.

ولم يمض وقت طويل حتى صارت الإدارة عشًا جميلًا يرتاده كبار رجال الصحافة والفن والشعر والأدب، وكان أكثر الزائرين ترددًا على الإدارة الأساتذة الأفاضل: محمد توفيق دياب،  عبدالقادر المازنى، وإبراهيم رمزى وغيرهم كثيرون من كُتاب الدرجة الأولى. أما كُتاب وأدباء الدرجة الثانية فكانوا أكثر من أن يتناولهم الحصر والعد!

وكثيرًا ما كانت تنقلب الإدارة إلى قاعة محاضرات علمية أو فنية أو صحفية وتشتد المناقشات ويكثر الأخذ والرد حتى لكأن المكان صورة مصغرة من مجلس النواب! ولم يكن ضيق المكان وغرابة مدخله ليثنيا كبار حملة الأقلام والفنانين من الإقبال على زيارته المرة بعد الأخرى.

فقد كان على النازل إلى الإدارة إذا كان متوسط القامة أن يثنى قامته عند اجتياز المدخل! وكان هذا العيب موضع قفش بعض الأدباء، وأذكر أن المرحوم «شوقى بك» كان كلما اجتاز المدخل فاضطر إلى انحناء قامته هتف يقول:

ـ الباب ده علمنا التواضع يا ست «روز»!!

وكان أخوف ما أخافه وقت أن يحضر الأستاذ «العقاد» لزيارتى فيجد نفسه أمام مشكلة، فإما أن يعود أدراجه وإما أن يطوى قامته إلى قسمين ليتسنى له اجتياز الباب»!

وللذكريات بقية!