الجمعة 28 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«روزاليوسف» تكبير حجم المجلة وتقليل نفقات القهوة!

«روزاليوسف» تكبير حجم المجلة وتقليل نفقات القهوة!

مع بداية العام الثالث من صدور «روزاليوسف» حرصت السيدة «روزاليوسف» على أن تبوح ببعض خواطرها ومشاعرها إلى قراء المجلة فى كلمات صريحة وشجاعة وكتبت تقول:



«فى بداية السنة الثانية مر عام كامل قطعنا فيه المرحلة الأولى، مرحلة الأشواك والعذاب والتجارب المُرة التى كان ولا بد من تذوقها واحتملنا فى هذا من الخسائر ما لم نحسب له حسابًا ولكن كل خسارة مادية كابدناها كانت لا تقاس بجانب ما قاسينا من حقد وشماتة ودس وضيع وعراقيل أقامها فى طريقنا قوم كانوا أجدر الناس بمساعدة هذه الصحيفة الناشئة».

وتمضى «روزاليوسف» قائلة: وأقبل صيف عام 1927 والأزمة المالية فى المجلة أحسن ما يكون ازدهارًا، وقد أفلحت جميع الخطط جغرافية كانت أو بهلوانية فى الهروب من الدائنين.

وجمعت الأصدقاء والزملاء فى جلسة فوق العادة بدأناها بالسطو على علبة سجاير «جناكليس» افتتح بها «أحمد حسن» حسابًا جديدًا عند بائع سجاير حديث العهد بشارع عماد الدين، وأخذنا نتذاكر فى موقفنا من الدنيا القديمة ومن الدنيا الجديدة التى تمنى النفس بالوصول إليها ونتباحث فى خطة جديدة تسير عليها المجلة، تكفل لنا الدخل الذى يجعلنا نعيش كسائر مخاليق الله من غير هموم ولا ديون.

واتفقنا على تكبير حجم المجلة ورفع ثمن العدد إلى قرش صاغ، وتواصينا على الاقتصاد فى شرب القهوة والسجاير وانتهت الجلسة بانتهاء سجاير «جناكليس» وبرطمة «أحمد حسن» الذى رفع احتجاجًا صارخًا على خروجنا على لوائح الاقتصاد فوعدناه بتطبيق اللوائح ابتداء من الساعة.

وقررت السفر إلى فرنسا طلبًا للراحة والنوم الهنىء فى جوار الزوج المذكور ـ زكى طليمات ـ الذى كانت تأتى خطاباته وهى تفيض بأخبار الفنون والفنانين وبتوفيقه فى فن الإخراج والذى  منه، مما جعلنى أرغب فى رؤيته واتأكد من سلامة عقله!

واستقللت الباخرة إلى فرنسا بعد أن أقسمنا يمين الولاء والاخلاص على بطيخة «يافاوى» ذبحها لى إبراهيم خليل فى مساء ليلة الرحيل، وكتبت قبل سفرى إلى وزارة الداخلية أقول لها إن «إبراهيم خليل» هو الذى سيقوم برئاسة التحرير نيابة عنى ذلك أن التابعى كان لا يزال موظفًا بملجس النواب!

لم أنعم بالراحة التى كنت انتظرها فى باريس، كانت المجلة وشئونها تركب رأسى أينما ذهبت، وأصبح لى بريد ثقيل الحمل يأتينى به خادم اللوكاندة فى كل يوم اثنين وخميس وبلغ عدد رسائلى التى اكتبها أكثر من عشرة فى الأسبوع الواحد وكلها إلى هيئة تحرير المجلة وكلها لت وعجن واقتراحات وأوامر وتهديد ثم وعود بإرسال هدايا من باريس.. إلخ.

وكانت المجلة تصدر فى كل أسبوع تحمل مقالا منى يتناول مشاهداتى وتفكراتى، ولم ينجز الأصقاء ما أتفقنا عليه بشأن تكبير حجم المجلة بدعوى أن الصيف فصل كساد لكل الجرائد والمجلات!

ومن المقالات المهمة والممتعة التى كتبتها «روزاليوسف» رسائل من باريس: أخلاق الممثلات هنا وهناك.. قالت:

«هنا فى باريس لا يطلب الجمهور من الممثلة أو الممثل إلا أن يكون أمينًا لفنه قائمًا بواجباته أحسن قيام وهو لا يأبه بعد ذلك لشىء آخر ما دامت حياة الممثل أو الممثلة تجرى على الوجه المألوف، ومن هنا نشأ تقدير الجمهور لأبناء المسرح وعطفه عليهم، ولعل فى هذا سبب ما نراه من الفرق الكبير بين ما يكتب عن المسرح فى فرنسا وما يُكتب عنه فى مصر، وإذا كان هناك وجه للاختلاف أو التفريق بين المسرحين فلن يكون إلا من حيث الصفات الخلقية المتصلة بالعمل والحرص على أدائه على الوجه الأكمل!

وفى صباح حزين من أيام أغسطس عام 1927 قرأت نبأ صغيرًا فى جريدة «باري سواد» يقول إن «سعد زغلول» قد مات وكان لهذا النبأ وقع أليم فى نفسى!».

وللذكريات بقية!