الأحد 28 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
خيوط الدخان

خيوط الدخان

أثار اختيار مارك زوكربيرج صاحب ومؤسس شركة ميتا المالكة لأغلب تطبيقات التواصل الاجتماعى اسما غريبا لتطبيقه الجديد الاسم هو Threads أى خيوط، الكثير من الجدل وفى الحقيقة إن الجدل لم يكن حول التسمية وسببها، فالتفسيرات واهية جدا، لأن التطبيق يشبه الخيوط، يربط المستخدم بباقى الأصدقاء ويسمح له بنشر منشورات مكتوبة أو مصورة وهى فى الحقيقة ليست إضافة على الاطلاق، فباقى تطبيقات التواصل الاجتماعى تسمح بذلك بالفعل، ربما يكون الفرق بينهم هو عدد الكلمات أو طول مقاطع الفيديو مثلا ولكن تبقى الفكرة واحدة، المزيد من التواصل والتعبير.



ولكن كان الجدل حول التطبيق مرتبطا بمنافسته لتطبيق تويتير الصادر عام 2006، فماذا يمكن أن يقدم التطبيق الجديد بعد سبعة عشر عاما من ظهور تطبيق مشابه، ثم تطرق المستخدمون إلى الحرب الشرسة بين ملاك تلك التطبيقات واساليبهم فى سحب المستخدمين بأساليب الجذب أو الطرد من تطبيق لآخر وفى غمرة تلك المتابعة لم يلتفت أحد إلى بعض التجارب السابقة لتطبيقات بدأت بداية قوية ثم تراجعت حتى أن بعضها تم إغلاقه تماما وهذا أيضا جزء من الحرب التسويقية الاقتصادية بين الملاك الكبار، ربما يرتبط الأمر أيضا بالجمود وعدم التطوير أو بعدم دراسة احتياجات المستخدمين وتطور واختلاف تلك الاحتياجات تبعا للمستجدات والمتغيرات الحادثة فى العالم من حولهم.

شمل الجدل أيضا إثارة النقاش والتوقعات حول مستقبل التطبيق الجديد والتطبيقات القديمة أيضا ووصل الأمر إلى استخدام بعض الاستدلالات المبنية على احصائيات ولكن بصورة خاطئة، فالحديث مثلا عن أن هذا التطبيق الجديد وصل عدد مستخدميه الى 30 مليون مستخدم فى أول 24 ساعة من اطلاقه أو إلى 300 مليون مستخدم فى أول أربعة أيام وتتم مقارنة ذلك ببعض التطبيقات القديمة سواء كانت للتواصل الاجتماعى أم لا، فى الحقيقة هو استدلال غير معبر وغير مناسب، فهذا التطبيق لم يبدأ من نقطة الصفر فهو يعتمد على تطبيق موجود بالفعل لنفس الشركة يبلغ عدد مستخدميه نحو 4.2 مليار مستخدم فبباسطة الوصول إلى الـ300 مليون مستخدم معناها أن 15% فقط من مستخدمى هذا التطبيق قد قاموا بالاشتراك فى التطبيق الجديد، وهذا لا يعبر عن مدى قوة التطبيق ولا تلبيته لاحتياجات حقيقية لديهم، فالأمر ما زال فى نطاق التواصل الاجتماعى، هذا التعبير اللطيف الذى يمكن اعتباره حقا أريد به باطل، فسلبيات تلك التطبيقات كثيرة وتؤثر على أغلب المستخدمين، فلا تواصل اجتماعى حقيقى ولا قيمة مضافة ولا علاقات اجتماعية أفضل مثلما تم الترويج لذلك بل إن الأمر أدى إلى عكس ذلك تقريبا وعلى أصعدة كثيرة.

تكمن المشكلة فى أن المستخدمين سيستمرون فى متابعة كل جديد بصورة محمومة وسيستمرون فى استخدام تلك الأدوات التكنولوجية بغير وعى حتى يصل كل مستخدم على حدة إلى نهاية حياته وهنا يدرك كم من الوقت أهدر وكم من القيمة فقد وهو ما أتمنى أن نستفيق منه سريعا وقبل فوات الأوان ذلك الذى لا أجد تعبيرا أفضل من قصيدة قارئة الفنجان للمبدع نزار قبانى والعندليب الأسمر عبدالحليم حافظ حين قال «وسترجع يومًا يا ولدى مهزومًا مكسور الوجدان.. وستعرف بعد رحيل العمـــر بأنك كنــت تـــطارد خيط دخان» ربنا يستر