الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«قررررررررررررب.. قرررررب»..

بعد النجاح الذى حققته النسخة الأولى من ورشة تدريب الممثل بمركز الهناجر للفنون للمخرجة مروة رضوان وكان نتاجها عرض «أشباح الأوبرا»، امتدت الورشة لموسم آخر وقام بالتدريب فيها مدير مركز الهناجر المخرج شادى سرور، مستعينا بخليط بين مجموعة جديدة وأخرى استمرت من الورشة القديمة ليمزج المخرج بين عناصر مميزة شغوفة بالتدريب والتعلم، قدم سرور مع شباب ورشته أحدث تجاربه المسرحية «قرررررب.. قرررب»، ويشارك العرض ضمن فعاليات المسابقة الرسمية للمهرجان القومى للمسرح.



 اتبع سرور أسلوبا جديدا فى التدريب، التدريب بالمعايشة الحقيقية للأحداث مع لاعبى السيرك بمراقبة وممارسة حياتهم اليومية ومشاركتهم قصصهم ومغامراتهم الحياتية، ذهب طلاب الورشة إلى موقع الأحداث بالسيرك القومى ومعهم المؤلف أحمد نبيل وبالتالى أطلع هؤلاء على حياة لاعبى السيرك عن قرب اكتسبوا خبرة مختلفة فى تكنيك التدريب على عمل مسرحى مكنهم من اكتشاف أنماط حياتية وسلوكية عن هؤلاء المعزولين وراء أسوار حلبة السيرك أو ما يطلقون عليه «المانيش»، والتعبيرات الدارجة بينهم التى أخذوا يرددونها بالعرض مثل كلمة «كاسكاتا» وتعنى حرفة الاحتيال بلفت الانتباه وجذب الأبصار، كما تدربوا على لعب بعض الألعاب الصعبة التى يتقنها لاعبو السيرك المحترفون، فى النهاية خرج نبيل بمنتج فنى مختلف ربما كان أقرب للواقع والحقيقة من الخيال الذى سبق وأن قدمه فى نصه السابق «قابل للكسر» مع المخرج لبيب عزت فى أحد عروض شباب جامعة القاهرة.

  اطلع نبيل فى هذه الورشة على مجموعة من القصص والحكايات غير المعروفة للجماهير وغير المعلنة، مثل الشكل التدريجى الذى نشأ به السيرك القومى فى القاهرة بعهد الخديو إسماعيل على يد مريم المصرية وابنها وحبيبها الذى ترك عمله بالشرطة وقرر التفرغ لإقامة سيرك مصرى بالقاهرة بعد هروب مريم من زوجها السابق الذى عانت معه معاناة مريرة، ومنها كانت نشأة فكرة تراكم العائلات بعالم السيرك، فهذا المكان عبارة عن عائلة كبيرة أو مجموعة من العائلات المتشابكة معا يتوارثون المهنة فيما بينهم لأجيال متعاقبة من فنون وأسرار عالم السيرك الاستثنائى.

    من هذا الاستثناء صنع أحمد نبيل دراما اختلط فيها الواقع بالخيال فى سرد قصص وحكايات عن السيرك وكواليس حياة أصحابه الغامضة والصادمة، عن بهنوس صاحب السيرك الذى يسعى إلى لم شمل عائلته أبناء اخته المتوفاة التى لا يعلم أبناؤها عن تاريخ مجدها بالسيرك شيئا يصطدم هؤلاء الأبناء لأنهم أبعد ما يكونوا عن هذا العالم العجيب لم يدر أحدهم بقوانينه وطقوسه، منهم من يعمل فى مجال الأمن وآخر طبيب نفسى والأخرى محامية لكن المصادفة تجمع هذه العائلة داخل السيرك، والتى يدعى أصحابها بنفس أسماء العائلة القديمة التى أسست المكان، فى مزج بين القديم والحديث لعب المؤلف بالدراما التى تخللها الكثير من الحكايات الجانبية الداخلية، عن عائلة أخرى يخون صاحبها زوجته مع شقيقتها التى تربت على يديها وهذه الأخيرة تخون زوجها الذى يدعى إصابته بالعمى حتى يتغافل عن أفعالها حفاظا على استمرار علاقتهما معا، وحكايات أخرى لأفراد عاملين بنفس المكان، وبالتالى بدت القصص متناثرة ومتفرقة، وكأن الحكايات أصبحت مثل ورق اللعب بالكوتشينة، انفرطت جميعا على خشبة المسرح، وبدت مشتتة غير متماسكة فى وحدة واحدة، قد يعجز المشاهد أحيانا عن تذكر بعضها لتعدد أصحابها وتفاصيلها، كما أن تتابع سرد هذه الحكايات جاء مبتور فى بعض الأحيان وكأن المؤلف يلقى بؤر من الضوء السريع الخاطف على علة ثم ينتقل إلى علة أخرى، لم يجمعهم خطأ درامي متصل سوى وجودهم فقط تحت سقف سيرك واحد، إلى جانب أن الأبناء حديثى العهد بهذا السيرك وهم أصحاب الخط الدرامى أو الصراع الرئيسى بالعرض لم يتم دمجهم بهذه القصص والحكايات، لم يشتبكوا معها بينما عاشوا فى كيان منفصل عن كل قضايا أصحاب المكان وانشغلوا بقضيتهم الكبرى ضرورة المغادرة أو البقاء مع تنفيذ الشرط الرئيسى لصاحب المكان، اكتفى الكاتب فى وضعهم بصراع عام مع صاحب السيرك وبناته فقط، مما أضعف البناء الدرامى للعمل، خاصة مع صعوبة استمرار الانتباه واليقظة مع كل القصص فى تتابع الحكى وسرد الأحداث المتلاحقة.

 برغم عيوب الكتابة الدرامية بالعرض التى لو قدر لها التماسك لخرج العمل فى شكل أكثر قوة ومتعة وإثارة، لكنه لم يخل من المتعة فى مسارات أخرى مثل الاهتمام بعناصر الصورة المسرحية فى تصميم الأزياء والديكور والإضاءة، صمم الديكور المهندس فادى فوكيه والذى أسهم بشكل كبير فى حالة المعايشة لأجواء السيرك منذ اللحظة الأولى لدخولك مسرح الهناجر ستشعر وكأنك داخل حلبة سيرك حقيقية مع سلاسة حركة الديكور فى الانتقال من مشهد لآخر خاصة فى سرد حكاية مريم المصرية ومزج الحاضر بالماضي، ثم مع بدء العرض وظهور أبطال العمل بالملابس وتقديم فقرات من ألعاب السيرك المختلفة التى تدربوا عليها حتى بدا معظمهم محترفون وكأنهم لاعبين من السيرك القومي، احتوى العرض على طاقات شبابية بدنية وتمثيلية تستحق الدعم والإشادة أجادوا جميعا على قلب رجل واحد فى تقديم العمل سواء على مستوى الحركة أو اللعب أو التمثيل، كل منهم يبشر بموهبة متعددة الأوجه أتقن معظمهم فنون السيرك والرقص والتمثيل والغناء والعزف الموسيقي، كان على رأسهم محمود الفرماوى فى دور بهنوس صاحب السيرك الذى امتلك خشبة المسرح بحضوره وأدائه حتى بدا وكأنه أحد المخضرمين بهذا العالم، وكذلك ماريز لحود المطربة والقادمة من عالم الغناء لتقتحم التمثيل بخفة روح وأداء بدا حضورها مثل النسيم خاصة فى المشاهد التى شاركت فيها بالغناء، ثم نور شادى القادمة بقوة صاحبة الكاريزما والأداء التمثيلى والحركى المبشر بمستقبل كبير.

وكذلك رحاب دندنش فى دور طمطم، وعبدالرحمن «بودا»، وأحمد بهاء فى دور الضرير، ثم ندى محمد، هانى عاطف، باسم إمام، أحمد سوو، هاجر إبراهيم، على شادى، طوسون عبد الحميد، محمد أسامة، عبدالرحمن طارق، على حميدة، فاتن حسنى، طارق الشرقاوى، شيرين طيرة، فاطمة فاروق، أحمد هشام، كريم خالد، محمد على، أحمد نبيل، بولا نبيل، هنا معتز، سارة نزبك، فرح شادى، أحمد حزين، إسلام إبراهيم، نهى المصرى، يونس عماد، مدرب سيرك عبدالرحمن كريم، موسيقى أحمد نبيل، أزياء مها عبدالرحمن، إضاءة محمد عبدالمحسن.