الخميس 17 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
خمسمائة جنيه لإنتاج فيلم زينب!

خمسمائة جنيه لإنتاج فيلم زينب!

كان فيلم «زينب» أهم تجربة فى السينما المصرية فى مرحلتها الصامتة وهو من إخراج الفنان «محمد كريم» وعندما عرض فى سينما متروبول بالقاهرة فى 12مارس سنة 1930 حقق نجاحا هائلا؛ مما أذهل أصحاب دور العرض وكانوا جميعا من الأجانب وكانوا قد وضعوا العراقيل أمام ظهوره بحجة أن المتفرجين لن يقبلوا علي مشاهدة فيلم تجرى حواراته فى الريف!



تفاصيل أخرى مهمة ومدهشة عن الفيلم يرويها الناقد الكبير «سعد الدين توفيق» فى كتابه «قصة السينما فى مصر» فيقول: كانت هذه هي أول مرة يظهر فيها علي الشاشة فيلم مأخوذ عن عمل أدبى، فقصة «زينب» مؤلفها هو الدكتور محمد حسين هيكل عندما كان يدرس القانون فى فرنسا سنة 1910 ونشرها فى كتاب سنة 1914 ولم ينشرها باسمه وإنما سجل على الغلاف أنها مناظر وأخلاق ريفية بقلم مصرى فلاح وكان محمد كريم قد قرأ «زينب» عندما كان يدرس السينما فى ألمانيا، وأعد سيناريو لإخراجها على الشاشة ولكنه لم يجد منتجا واحداً يقبل إنتاج هذا الفيلم، حتى فى ألمانيا رفضت شركة «أوفا» السينمائية مشروع كريم أن يكون الفيلم إنتاجا «مصريا - ألمانيا» مشتركا، وفى القاهرة رفض المنتجون الأجانب ومنهم «باردى» صاحب سينما أولمبيا انفاق أموالهم على إنتاج فيلم تجرى أحداث قصته في الريف وأبطالها من الفلاحين، وأبدوا استعدادهم لإنتاج فيلم عصرى تدور حوادثه فى القصور، ولكن محمد كريم رفض وكان مصممًا على تقديم «زينب»!

وأخيرًا لجأ إلى صديقه يوسف وهبى صاحب فرقة رمسيس المسرحية وعرض عليه إنتاج هذا الفيلم الذي لم يتكلف أكثر من خمسمائة جنيه، فوافق يوسف وهبى ولم تكن هناك استديوهات للسينما فى بلادنا فى ذلك الوقت وكانت الكاميرا تدار باليد وكانت الإضاءة تتم بواسطة مرايا أُلصقت عليها قطعة من قماش التُل الأبيض تصبه الناموسية أو بواسطة لوحات كبيرة مغطاة بالورق المفضض تعكس أشعة الشمس علي وجوه الممثلين!

ويكشف الأستاذ سعد الدين توفيق عن بعض جوانب عبقرية محمد كريم فيقول: وفى هذا الفيلم الصامت استخدم «كريم» الكاميرا كرين - لأول مرة فى السينما المصرية لتصوير لقطة من أعلى وفى هذه اللقطة نرى يداً تمتد إلى صحن ثم ترفع غطاء الصحن، وهنا ترتفع الكاميرا إلى أعلى أكثر فأكثر وعندئذ نري أن اليد الممتدة هى يد أحد أفراد الأسرة جلست حول مائدة الطعام!

ولتصوير هذه اللقطة كان المصور يجلس فوق قاعدة كبيرة من الخشب على حافتها سُلطت الكاميرا إلى أسفل، وكانت القاعدة الخشبية مربوطة بالحبال إلى بكرة فلما بدأ التصوير قام عدد من الرجال الأشداء بشد طرف الحبل فارتفعت القاعدة الخشبية وعليها الكاميرا والمصور، واستغرق تصوير هذه اللقطة العلوية ثلاث ساعات وتكلفت أحد عشر جنيهًا!

واستمر تصوير الفيلم كله سنتين!

وللحكاية السينمائية بقية!